[١١] فصّ تاسيسىّ
فأحقّ ما يجب أن يحقق إذن في أمر الآن يشبه أن لا يتعدى أنّ نسبته إلى الزمان نسبة النقطة إلى [٥٨ ب] الخطّ المستدير المتناهي مقدارا ، لا وضعا وقد حقق ذلك أو لو بضاعة في البراعة في الصّناعة.
[١٢] إشارة
إنّ اتصال الزّمان وما يتلى عليك في تناهي امتداده ، ليس على أن ينتهى إلى أزل زمانىّ محدود بالآن ، بحيث يمكن وراء الزمان امتداد ، يوقع العقل بمعونة الوهم بينهما اتصالا بحسب التصوّر ، فإن حكم به حاكم فهو بحت ذات الوهم ، لا غير ، بل على سبيل آخر يسرى بفطانتك إليه إن شاء الله يضمنان لك بيان عدم وجود الآن البتة بالفعل في الأعيان وبالقياس إلى نفس الزمان. فإن وجد فإنّما هو على أن يتوهّمه الوهم في مستقيم الامتداد إذا قطعه ضربا [٥٩ ظ] من القطع ، فيجده إذ ذاك واصلا بين منتزعيه منه بالفعل إلّا أنّ المتهوّسين بالقدم يبيّنونه ضربا من البيان على طور آخر.
[١٣] تذكار
ذكر في («الشفاء» ، ص ١٦) : «إنّ الآن لا يوجد بالفعل بالقياس إلى نفس الزّمان أصلا ، والّا لقطع اتّصاله ، بل إنّما وجوده على أن يتوهمه الوهم واصلا في مستقيم الامتداد ، والواصل لا يكون بالفعل في المستقيم الامتداد من حيث هو واصل ، وإلّا لكانت واصلات بلا نهاية ففعليّته إنّما تكون لو قطع الزمان ضربا من القطع ، ومحال أن يقطع اتصاله. فلو جعل له قطع ، فإمّا في بدايته ، فيكون معدوما ، ثمّ وجد [٥١] فعدمه قبل وجوده ، ولا شيء غير الزّمان يحصل به هذا النوع من القبيلة ، فيكون هذا الزمان قبله زمان يتصل به ، ذلك قبل ، وهذا بعد. وهذا الفصل يجمعهما وقد فرض فاصلا ، أو على أنّه نهاية له. وليس لا يمكن أن يوجد بعده شيء ، ولا واجب الوجود حتّى يستحيل أنّ يوجد شيء مع عدمه.
فالوجود الواجب والإمكان المطلق لا يرتفعان ، فيكون بعده إمكان وجود شيء ، فله بعد ، وهو قبل ، فالآن واصل ، لا فاصل ، فقد خولف ما فرض وضعه.