فالزمان لا يكون له آن بالفعل موجود بالقياس إلى نفسه ، بل بالقوّة القريبة من الفعل، فإنّه يتهيّأ أنّ يفرض فيه الآن [٦٠ ظ] دائما ، إمّا بفرض فارض أو بموافاة الحركة حدّا مشتركا غير منقسم ، كمبدإ طلوع أو غروب أو غير ذلك. وذلك ليس بالحقيقة إحداث فصل في ذاته نفسه ، بل في إضافته إلى الحركات ، كما يحدث من الفصول الإضافيّة في المقادير الاخر ، كما ينفصل جزء جسم من جزء آخر بموازاة أو مماسّة أو فرض فارض ، من غير أنّ يكون قد حصل فيه بالفعل فصل في نفسه ، بل مقيسا إلى غيره» («السماع الطبيعى» ، [باختصار].
[١٤] نقد
كأنّا نبهناك بالذكر والوعد ، على ما ابين به فاسد هذا القول من صحيحه ، فعدم وجود الآن بالفعل ، ثمّ عدم قطعه بعد الانقراض اتصال الزمان في نفسه ، بل باعتبار الإضافة صحيح ما أيسر [٦٠ ب] أن يتحدّس ذلك. وأمّا استيجاب نهاية الزمان مطلقا قبليّة العدم ذلك النحو من القبليّة ، أعنى التي ليس معروضها بالذات إلّا الزمان ، أو بعديّة الوجود الواجب أو الإمكان المطلق تلك البعديّة ، فعساه كاد يسير منكشف الفساد لثاقب بصيرتك.
وإنّى لعلى شدّة التعجّب من الرئيس أبى على ابن سينا ، كيف يجعل معيّة غير الزمانيّات مع الزمان أو الزمانيّات نحوا آخر من المعيّة الزمانيّة ، وسيحيط به علمك إن شاء الله. وكذلك معيّة بعض المفارقات بالنسبة إلى بعض ، ولا يأتى بمثل ذلك في القبليّة أو البعديّة [٦١ ظ] ، فيثبت بإزاء تلك المعيّة نحوا من القبليّة أو البعديّة لا يكون زمانيّة. ولعلّ ذلك من جملة ما أوجبته المماشاة الملتزمة في كتاب «الشفاء» ، فقد نبّأ بها في مفتتحه.
[١٥] استذكار
أما تبيّن لك ، بما قرع سمعك في طبقات التعاليم الحكيميّة ، أنّ الأطراف إنّما تكون نهايات للمقادير من جهة الوضع ، لا من جهة المقدار. فما يكون غير متناهي الوضع لا يكون له طرف وإن كان متناهي المقدار في المساحة ، كمحيط الدائرة ومحيط الكرة.