على معنى أنّه كان معدوما صرفا. ثم إنّه أخرج من صرف العدم الى الوجود بتمام امتداده المقداريّ من غير أن يكون له آن أوّل ينتهى به امتداده بحسب الوجود ، لقد علمت أنّ الانتفاء لا يلزمه الانتهاء فلا تكن من الجاهلين.
[١٩] استبصار
انقطاع الزمان في جهة البداية مثلا ، إنّما يستلزم وجود الآن لو كان هو بطرفه مسبوقا بالعدم على سبيل أن يمكن وراءه امتداد يوقع العقل [٦٣ ط] بمعونة الوهم بينهما اتصالا. فربّما يسبق إلى الوهم ؛ أنّه قد وقع الانقطاع في شيء من أوساط ما يتصوّر من الامتداد ، فحصل طرف للموجود من الامتداد تخلّل بينه وبين العدم. وأمّا لو كان له بنفسه أيس بعد ليس مطلق على أن يكون انتفاؤه بحيث لا يتصوّر وراءه امتداد أصلا ، كما يكون للزمان ، ولا امتداد ، كما يكون للآن ، بل عدم صرف للزمان لا ممتدّ ولا غير ممتدّ ، على ما نضعه لضروب التّبيين ، فلا يكون الانتفاء في جهة الامتداد يلزم الانتهاء بالآن. فالآن لا يستطيع هناك إليه سبيلا. وأمّا تحققه في التوهّم ريثما يخلّل الوهم امتداد الزمان إلى أجزاء ينتزعها منه. فليس بقطع اتصاله [٦٣ ب] في الأعيان أصلا ، ولا في الوهم بحسب نفس ذاته ، بل بحسب الإضافة ، حسب ما افيد في كلام الشيخ الرئيس ، فتلطّف في سترك وتقدّس في نفسك واخلع بدنك واقلع حسّك وخذ الحكمة بعقلك وطهّرها عن رجس وهمك ، ولا تمنحها ذا فطرة عو جاء أو فطانة بتراء.
[٢٠] نقاوة معيارية
إنّما يلزم الوجود للآن بالفعل حيث يكون لمسافة الحركة التي هي علّة الزمان. فجلّه امتداد خطّيّ استقامىّ يتعيّن طرفه بأنّه منه تبتدأ الحركة ، فالانطباق بين المسافة والحركة يوقع ذلك. وأمّا لو كانت المسافة أوضاعا متصلة ، كما في الحركة الوضعيّة لجرم ما مستدير ، فلا يتعيّن [٦٤ ظ] نقطة بمبدئيّة الحركة أصلا ، لا في الجسم المتحرك ولا في سطح هو نهايته ولا في محيط دائرة مفروضة فيه ، فإنّ تبدّل الوضع يعرض لجميع الأجزاء والنّقاط بعضها بالنسبة إلى بعض أو إلى خارج معا ، ولا يكون آن يتعيّن أوّل حدوث ذلك التبدّل بأنّه فيه ، بل لا يصحّ لمثل هذا الحدوث أوّل آنيّ على ما تتعرّفه من بعد ، إن شاء الله تعالى