الذي يقطع مقدارا أطول في الزّمان الواحد ، وهذا يتناولهما معا. فكما أنّ المستقيم مقدار ، فكذلك المستدير ؛ وكما أنّ الأطول في المستقيم ما فيه المثل بالقوّة والزيادة ، فكذلك في المستدير ، والزمان غير مختلف. فإذن ما قد ظنّ أنّ السّرعة إنّما يقال عليها باشتراك الاسم فاسد. ولا يؤبه لمن ظنّه ، وإن كان النظر [٦٦ ظ] ربّما أوجب أنّه لا يصحّ المقايسة بين المستقيم والمستدبر ، ولا المناسبة فيهما ، كما لا يصحّ بين الخطّ والسطح مع قول المقدار عليهما على التّواطؤ.
[٢٥] استكشاف
أما تبيّن لك أنّ للحركة المستقيمة طرفا بالفعل ، إزاء لما ينطبق عليه من المسافة ، وهو طرفها. فلو كان الزمان مقدارا لحركة مستقيمة كان له أيضا طرف ينتهى هو به بالفعل ، أعنى الآن بالمعنى المسلف تفسيره. كأنّك تفطّنت أنّ الزمان لا يكون له ذلك بالفعل البتة. فإذن إنّما هو مقدار الحركة المستديرة. لا أيّة حركة كانت ، بل التي هي أسرع الحركات ، وهي حركة الجرم الأقصى من المشرق [٦٦ ب] إلى المغرب على منطقة معدّل النّهار.
فقد بيّن ، بما تبرهن في «علم الهيئة» ، أنّه يقطع مقدار درجة من مقعّره وعدد أميالها تسعة آلاف ، ألف وثلاث مائة وثلاثة وأربعون ألفا ، وثلاثة وتسعون في ثلاث خمس ساعة مستوية وفي جزء من تسع مائة جزء منها. وذلك بقدر ما يعدّ أحد من واحد إلى ثلاثين يقطع ما عدد أمياله مائة وخمسة وخمسون ألفا وسبع مائة وثمانية عشر وسدس. فمقدار ما يقول أحد واحد يتحرّك خمسة آلاف ومائة وستة وتسعين ميلا ، وهو ألف وسبع مائة واثنان وثلاثون فرسخا من مقعّره. والله أعلم بما يتحرّك محدّبه [٦٧ ظ] حينئذ.
[٢٦] تأييد
كأنّك تحدّست أنّ الزّمان بأجزائه من الساعات والأيّام والشهور والأعوام أظهر المقادير إنّية ، فيكون محلّه المستحفظ هو به أظهر الحركات فعليّة : وهي الحركة اليوميّة ، أعنى حركة فلك معدّل النهار التي يتحرك بها جميع السماويّات ، وبها تتقوم الأيّام والساعات