حركة زمان ، فيكون كلّ حركة تستتبع زمانا.
فيقال لك : ألست تفرّق بين أن يقال : إنّ الزمان مقدار لكلّ حركة ، وبين أن يقال : إنّ إنيّته متعلقة بكلّ حركة ، فالصحيح هو الأوّل دون الثاني. فليس من شرط ما يقدّر الشيء أن يكون عارضا له وقائما به ، بل ربما قدّر المباين بالموافاة والموازاة. وأيضا بين أن يقال : [٦٩ ظ] ذات الزمان متعلّقة بالحركة على سبيل العروض فالصحيح هو الثاني ، فيكون هذا يعرض لتلك دون الأوّل ، فيكون تلك تستتبع هذا ، فليس إذا تعلّق ذات شيء بطبيعة شيء ، وجب أن لا تخلو طبيعة الشيء عنه. وما تبرهن من أمر الزمان إنّما هو أنّه متعلق بالحركة وهيأته لها ، ومن أمر الحركة أنّ كلّ حركة تقدّر بزمان. وليس يلزم من هذين أن يكون كلّ حركة يتعلق بها زمان يخصّها. فلو أنّ كلّ ما قدّر شيئا استلزم إن كان عارضا له ، كان لكلّ حركة زمان يعرض ذاتها ، وليس بذلك ، بل الحركات التي لها ابتداء أو انتهاء مطلقا عند [٦٩ ب] المتهوّسين بالقدم أو على وجه يستلزم وجود الآن بالفعل على ما يشبه أن يكون هو الحقّ لا يتعلق بها زمان. وكيف ، ولو كان لكان مفصولا بالآن ، وقد زاف ذلك.
فإذن الزمان العارض لحركة واحدة على صفة تصلح لأن يتعلق بها هو يقدّرها وتقدّر به سائر الحركات ، وتلك حركة تستمرّ ، ولا يكون لها بالفعل أطراف تستلزم آنات تنطبق عليها ، وذلك كالمقدار الموجود في جسم يقدّره ويقدّر ما يحاذيه ويوازيه ، وليس يوجب تقديره ، وهو واحد بعينه للجسمين ، أنّ يكون متعلّقا بهما ، بل يتعلّق [٧٠ ظ] بأحدهما ويقدّره ، والآخر الّذي لم يتعلق به أيضا. وأمّا السكون ، فإنّما ينسب إليه الكون في الزمان أو التقدّر به على مسلك التجوّز. والمعنى أنّ السّاكن لو كان متحرّكا كان مقدار حركتها الزّمان.
[٣١] تذنيب
فإن قلت : أرأيت ، إن لم توجد تلك الحركة أكان يفقد الزّمان ، حتّى إذا وجدت حركات غيرها كانت بلا تقدّم وتأخّر. قيل : أجاب عنه الشيخ في «الشفاء» بأنّه إن لم يكن حركة مستديرة لجرم مستدير ، لم تعرض للمستقيمة جهات ، فلم يكن حركات مستقيمة طبيعيّة ، فلم تكن قسريّة ، فيجوز أن يكون حركة جسم من الأجسام [٧٠ ب]