[٣٤] تبصرة
المتهوّسون بالقدم يجعلون الزمان غير متناهي الامتداد في جانب الأزل ، ولا منقطعه في جنب الأبد ، فينزّهونه عن العدم أزلا وأبدا. ونحن ، قاطبة المليّين ـ نردعهم عن الحكم الأوّل. ويوافقنا من أوائل القدماء الحكماء السّبعة المقتبسون نور الحكمة من مشكاة النبوّة. فمن الملطيّين ثالس وانكساغورس وانكسيمايس ، ومن غيرهم أنباذقلس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون دون الثاني. فلم يقم عقل أو شرع بامتناع بقاء ممكن ما أبدا ، بل قد يقومان بإثباته ، كما في المفارقات من النّفوس النّاطقة الإنسانيّة وغيرها [٧٢ ب]. ولعلّه هو الحقّ في الزّمان أيضا.
[٣٥] تكملة
من نفى منهم السّكون بين الحركات المختلفة أينيّة وغيرها ، يتمسّك في الإسناد إلى المستديرة بامتناع اتصال الحركات المختلفة بعضها ببعض بحيث يصير المجموع حركة واحدة. فالزّمان إذ هو شيء واحد متصل دائما يجب إسناده إلى ما هو مثله في الاتصال الوحدانىّ. فإذن الحافظة له متصلة دائمة ، ولا يكون سوى الدّوريّة.
ومن أثبت ، قال : المتحرك إلى حدّ ما بالفعل إنّما يصل إليه في آن. ثمّ إذا تحرّك عنه فلا محالة يصير مقارنا أو مباينا له بعد أن كان واصلا في آن أيضا ، ولا يتّحدان ، فيكون المتحرك واصلا ، [٧٣ ط] ، مباينا معا ، فليجتمع النّقيضان ، فهما متغايران ولا تتشافعان، فيلزم الجزء الّذي لا يتجزّى ، فبينهما زمان ، والمتحرك لا يكون فيه متحرّكا إلى ذلك الحدّ ، ولا عنه. فإذن هو ساكن. ونوقض بالحدود المفروضة في المساقات المتصلة المقطوعة بحركة واحدة.
وذكر الشيخ في «الشفاء» (...) : إنّ مباينة المتحرّك للحدّ ، أعنى حركته ، إنّما تقع في زمان. فإن عنى بآن المباينة طرف زمانها ، فلا يمتنع أنّ يكون هو بعينه آن الوجود ، فإنّه طرف للحركة عن ذلك الحدّ ، وطرف الحركة يجوز أنّ يكون شيئا ليس فيه حركة ، فيخرج عن ذى الطرف ، وفيه [٧٣ ب] يقع اللاوصول ولا يجتمع النقيضان ؛ وإن عنى به آن يصدق فيه الحكم بالمباينة فهو مغاير لذلك الآن ، وبينهما زمان. لكنّ المتحرك لا يسكن فيه ، بل يقطع مسافة تقع بين ذلك الحدّ وبين المباين له وضعا.