فإذ قد تعرّفت أنّ كلّ ما يلحق عدّة خصوصيّات ، فإنّما لحوقه بالذّات للطباع المشترك وليس لخصوصية ما منها بخصوصها من المدخليّة في ذلك أصلا ، بل الخصوصيّات بأسرها ملغاة في اقتضاء اللّحوق بالذّات وإن اتّفق أن وقعت ملحوقا بها ؛ فاحكم أنّ الحدوث الدّهريّ من لوازم طباع الجواز ، ولكنّ ثبوته في الحوادث الزّمانيّة من الفطريّات ، ثمّ يقتنص بسبوغ الفحص ودقّة النظر [اللّحظ ب] أنّ ما ينشأ منه استيجابه إنّما هو طباع جواز الذّات ، لا خصوصيّة الزّمانيّة والهيولانيّة.
فقد فقهت أنّ التخصّص بزمان ما يستدعى سبق العدم في الأزمنة السّابقة ، لا سبق العدم الدّهريّ ولا خصوصيّات الحقائق ، كالإنسانيّة والبياضيّة ، أو خصوصيّات الشخصيّات منها ، فإنّه قد لحقها جميعا ، لا شيئا منها بعينه فقط ، فليس لحوقه بالذّات إلّا بالطباع المشترك الّذي هو الجواز. فهناك يستبين استغراقه لجملة الجائرات في أقطاع عوالم [٢٠ ظ] الإمكان وأقطارها من الطبائع المرسلة والماهيّات الكليّة والهويّات الشخصيّة قاطبة. فإذن قد استقرّ عرش الحكمة السّويّة وانقضّ جدار الفلسفة النيّة. والحمد لله ربّ العالمين.
تشريق
(٢٥ ـ الله سبحانه متقدّم بالذّات وبالسّرمد)
فقد انصرح : أنّ لله ، سبحانه ـ على نفس الزّمان الممتدّ الشخصيّ وعلى كلّ من أجزائه المقطوعة البداية الممكنة الانفراض بالتّوهّم ـ تقدّما بالذّات وتقدّما بالسّرمد من غير تفاوت. والفلاسفة المتهوّسة يحسبون أنّ ذلك بالنّسبة إلى تلك الأجزاء فقط ، وأما بالنّسبة إلى نفس الزّمان المتّصل الشّخصيّ في الأعيان فليس إلّا التّقدّم بالذّات.
وهذا من معاقد التعضيل عليهم ، إذ يلزم اختلاف نسبته إلى الكلّ والجزء ، وكذلك إلى الجزء المقطوع البداية والجزء الممتدّ لا إلى بداية. فيثلم قولهم الحقّ أنّ نسبته إلى جميع الأجزاء (الأوقات ل) وجملة الأحيان واحدة ، ثمّ كيف يصحّ ذلك في الكم المتّصل وأجزائه المقداريّة ، وهي والكلّ متّحدة بالوجود متشابهة بالماهيّة.
إيماض
(٢٦ ـ كلّ حادث مسبوق الوجود بالمادّة)