لوصف الحضور ، فيلزم أن يكون موجودا في آن. فما لا يكون موجودا في آن ، لا يكون موجودا في الماضى. وعليه يقاس مقارنة الوجود للاستقبال.
وبعبارة اخرى ، الشيء إذا استلزم أحد الوصفين [٩١ ب] ولم يجامع شيئا منهما ، فإنّه لا يوجد أصلا. والحركة تستلزم أحد الأمرين من المضىّ والاستقبال ، إذا لا يتصف بالحضور أصلا ، ولا يجامع وجودها شيئا منهما ، لأنّ وجودها إمّا ماض الآن وليس بوجود الآن ، أو مستقبل الآن وليس بموجود الآن ، فهى لا توجد في الخارج قطعا.
فهلّا قلت له : أما تفكّرت أنّ الانقضاء إنّما هو بالقياس إلى الآن ، لا في نفس المتصل ولا بحسب الأعيان مطلقا ، فإنّما يصحّ سلب الوجود العينىّ المقيّد ذلك الوجود بالوقوع في الآن ، فهو نقيضه ، فلا يرتفعان عن شيء ، لا سلب مطلق الوجود في الأعيان [٩٢ ظ] المقيّد ذلك السلب بكونه في الآن. فهذا لا يناقض الوجود العينىّ في الآن ، بل ربما يكذبان معا. فإذن وجود الماضى إنّما يقارن وصف المضىّ بالقياس إلى الآن ، لا بحسب الأعيان مطلقا ، فلا يصدق الآن الحكم بعدمه في الأعيان مطلقا ، بل بعدم وجوده في الآن فقط ، فلا يلزم من عدم وجود الماضى في الآن عدم وجوده مطلقا. وكذا القول في الاستقبال. فانظر كيف تخبّط فتورّط. ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ، فلا تكوننّ من الجاهلين.
[١٣] دفاع وهم
لعلّك تجد عبارة الشيخ الرئيس [٩٢ ب] في طبيعيات («الشفاء» ، ص ٨٣) :
«إنّ الحركة اسم لمعنيين ، أحدهما لا يجوز أن يحصل بالفعل قائما في الأعيان ، والآخر يجوز أن يحصل في الأعيان ، فإنّ الحركة إن عنى بها الأمر المتصل المعقول للمتحرّك بين المبدأ والمنتهى. فذلك لا يحصل البتة للمتحرّك ، وهو بلين المبدأ والمنتهى ، بل إنّما يظنّ أنّه قد حصل نحوا من الحصول إذا كان المتحرّك عند المنتهى. وهناك يكون هذا المتصل المعقول قد بطل من حيث الوجود ، فكيف يكون له حصول حقيقىّ في الوجود ، بل وهذا الأمر بالحقيقة ممّا لا ذات له قائمة في الأعيان. وإنّما يرتسم لأنّ [٩٣ ظ] صورته قائمة في الذّهن بسبب نسبة المتحرّك إلى مكانين : مكان تركه ومكان أدركه ، أو يرتسم في الخيال ، لأنّ صورة المتحرّك وله حصول في