قدر الحركة ، فيقال : مسير [٩٧ ظ] فرسخين ، وتارة الحركة على در المسافة ، فيقال : مسافة رمية ، إلّا أنّ الذي يعطى المقدار للآخر هو أحدهما بعينه ، وهو الذي بذاته مقدار. والزمان ـ لأنّه متصل في جوهره ـ صحّ أن يقال : إنّه طويل وقصير ، ولأنّه عدد بما يلحقه من الانقسام إلى متقدم ومتأخّر ـ صلح أن يقال : إنّه كثير وقليل. وكذلك الحركة يعرض لها اتصال وانفصال ، فيقال : عليها خواصّ المتصل وخواصّ المنفصل. لكن جميع ذلك إنّما بعرض لها من غيرها على الوجه السّالف تقريره.
[١٥] ذيل
الماء كما يطلق على ما سلف ، يطلق أيضا على الزّمان القليل الذي [٩٧ ب] على جنبتيه. قال الشيخ في رسالة («الحدود» ، ص ٣٠) «الآن هو طرف موهوم يشترك فيه الماضى والمستقبل من الزمان». يقال : آن لزمان صغير المقدار عند الوهم متصل بالآن الحقيقىّ من جنبتيه وقد. وهذا كما يقال : يكتب الآن ، فيمتنع أن يقع الكتابة في الدفعىّ دون الزمان الذي حواليه. وفي («شرح الإشراق» ، ص ٣٩١) : «إنّه مشترك بين الماضى والمستقبل» وهو تخمين قياسا على الآن ، ليس بتحقيق.
وفي («طبيعيّات الشفاء» ، ص ١٧٢) : «إنّ تحقيق سبب هذا القول ـ أعنى أن يقال : الآن ، ويعنى : الزّمان القصير ـ هو أنّ كلّ زمان يحدث عنه ، فله حدّان [٩٨ ظ] لا محالة هما آنان يفترضان في الذهن له وإن لم يشعر به وهذان الآنان يكونان في الذهن حاضرين معا لا محالة ، لكنّه قد يشعر الذهن في بعض الأوقات بتقدّم آن في الوجود وتأخّر آن. وذلك لبعد المسافة بينهما ، كما يشعر بالآن المتقدّم من آنى السّاعة واليوم ، وفي بعضها يكون الآنان من القرب بحيث لا يشعر الذهن بما بينهما في أوّل وهلة ، ما لم يستند إلى استبصار ، فيكون الذّهن يشعر بهما كأنّهما وقعا معا ، وكأنّهما آن واحد».
[١٦] شكوك وأوهام
من نفى وجود الزّمان تعلّق بأنّ الزمان [٩٨ ب] إن كان موجودا ، فإمّا أن يكون شيئا غير منقسم ، فلا يكون منه ساعات وسنون وشهور وماض ومستقبل ؛ أو منقسما ، فإمّا أن يوجد بجميع أقسامه ، فيتحقق الماضى والمستقبل واليوم وزمان الطوفان