هاهنا وبين وجوده هناك شيئا في مثله تقطع هذه المسافة بهذه السّرعة أو البطء ، فيكون التي لهذه الحركات أو لهذا العدد من الحركات والسكونات المركبة هذا تقديرا [١٠٠ ب] للحركة لا وجود له. لكنّ الذهن يوقعه في نفسه ليصول أطراف الحركة فيه بالفعل معا ، مثل ما أنّ الحمل والوضع والمقدّمة وما يجري هذا المجرى أشياء يقضى بها الذّهن على الأمور المعقولة ، ومناسبات بينها ، ولا يكون في الأمور الموجودة شيء منها».
ثمّ قال : (ص ١٥٢) «والأولى بنا أن ندلّ أوّلا على نحو وجود الزمان وعلى ماهيّته ، بأن نجعل الطريق إلى وجوده من ماهيّته ، ثمّ نكر على هذه الشّبه فنحلّها».
ثمّ قال في آخر الفصل (ص ١٥٤) : «وإذ قد أشرنا إلى المذاهب الباطلة في ماهيّة الزمان ، فيتّضح من هناك وجوده ، ويتّضح حلّ الشبه المذكورة [١٠١ ظ] في وجوده».
[١٧] ذكر فيه إشارات
كأنّه حقيق بنا أنّ نورد لإزاحة هذه الأوهام قول الشيخ في «الشفاء» بألفاظه ، ليكون شاهدا لنا في تثبيت ما حقّقناه ، ومشيّدا لأركان الحقّ في تقويم ما مهّدناه.
قال في فصل حلّ الشكوك المقولة في الزمان بهذه العبارة (ص ١٦٦) : «وأمّا الزّمان ، فإنّ جميع ما قيل في أمر إعدامه وأنّه لا وجود له ، فهو مبنىّ على أن لا وجود له في الآن. وفرق بين أن يقال : لا وجود له مطلقا ، وبين أن لا وجود له في آن حاصلا ، ونحن نسلّم ونصحّح أنّ الوجود المحصّل على هذا النّحو لا يكون للزمان إلّا في النفس والتوهّم ، وأمّا الوجود المطلق المقابل للعدم [١٠١ ب] المطلق ، فذلك صحيح له ، فإنّه إن لم يكن ذلك صحيحا له ، صدق سلبه.
فصدق أن نقول : إنّه ليس بين طرفي المسافة مقدار إمكان لحركة على حدّ من السّرعة يقطعها ، وإن كان هذا السلب كاذبا ، بل كان للحركة على ذلك الحدّ من السّرعة مقدار ، فيه ، يمكن قطع هذه المسافة ، ويمكن قطع غيرها بأبطإ وأسرع ، على ما قد بيّنا قبل. فالإثبات الذي يقابله صادق ، وهو أنّ هناك مقدار هذا الإمكان ، والإثبات دلالة على وجوده مطلقا ، وإن لم يكن دالّا على نحو وجوده محصّلا في آن أو على جهة ما. وليس هذا الوجه له بسبب التوهّم ، فإنّه وإن لم يتوهّم ، [١٠٢ ظ] كان هذا النحو من الوجود وهذا النحو من الصدق حاصلا.