بحسب الوجود. فهذه عبارته في فصل تجرّد النفس من الطبيعيات («الشفاء» ، ص ١٨٧) :
«إن كان محلّ المعقولات جسما أو مقدارا من المقادير ، فإمّا أن تكون [١١٠ ب] الصورة المعقولة تحلّ منه شيئا وجدانيّا غير منقسم أن يكون إنّما تحلّ منه شيئا منقسما ، والشيء الذي لا ينقسم من الجسم هو طرف نقطىّ لا محالة.
ولنمتحن أوّلا أنّه هل يمكن أن يكون محلّها طرفا غير منقسم؟ فنقول : إنّ هذا محال، وذلك لأن النقطة هي نهاية ما لا تميّز لها عن الخطّ في الوضع ، أو عن المقدار الذي هو منته إليها تمييزا يكون به النقطة شيئا يستقرّ فيه شيء ومن غير أن يكون في شيء من ذلك المقدار.
بل كما أنّ النقطة لا تنفرد بذاتها ، وإنّما هي طرف ذاتيّ لا هو بالذات مقدار ، كذلك إنّما يجوز [١١١ ظ] أن يقال بوجه ما : إنّه يحلّ فيها طرف شيء حالّ في المقدار الذي هي طرفه ، فهو متقدّر بذلك المقدار بالعرض.
وكما أنّه يقدّر به بالعرض ، كذلك يتناهى بالعرض مع النقطة ، فتكون نهاية بالعرض مع نهاية بالذات ، كما يكون امتداد بالعرض مع امتداد بالذات. ولو كانت النقطة منفردة تقبل شيئا من الأشياء لكان يتميّز لها ذات ، فكانت النقطة إذن ذات جهتين : جهة منها تلى الخطّ الذي تميّزت عنه ، وجهة منها مخالفة له مقابله ، فتكون حينئذ منفصلة عن الخطّ بقوامها. وللخطّ المنفصل عنها نهاية لا محالة [١١١ ب] غيرها تلاقيها. فتكون تلك النقطة نهاية الخطّ لا هذه. والكلام فيها وفي هذه النقطة واحد. فيؤدى هذا إلى أن تكون النقط متشاعفة في الخطّ ، إمّا متناهية وإمّا غير ما ناهية». انتهت بألفاظها.
وأمّا قوله في «الشفاء» : «إنّ السطح هو نفس ظاهر الجسم» ، فليس فيه استيجاب للاتحاد في الوجود أصلا.
وما يقال [القائل صدر المدققين] : «من البيّن أنّ الجسم في الخارج ليس شيئين ، أحدهما ظاهره والثاني باطنه ، بل كلاهما موجود واحد في الخارج ، والعقل يميّز ظاهره عن باطنه» ، فإنّه تخييل بلا تحصيل ، إذ الجسم في الخارج ليس شيئين ، بل الموجود [١١٢ ظ] في الخارج شيئان ، أحدهما الجسم والآخر مقدار حالّ فيه ذو