منه شخصىّ ، ككون هذا الشيء في هذا الوقت في الهواء ، وهو مكان ثان ، أو كون هذا الجسم في هذا المكان الحقيقىّ.
فكذلك متى ، منه حقيقىّ ، ككون الشيء في زمان مطابق له لا يفضل عليه ، كقولهم : كان هذا الأمر [١١٧ ظ] وقت الزوال ، ومنه غير حقيقىّ ، كقولهم : في سنة كذا ، ولم يكن الأمر في جميع السنة ، بل في جزء منها ، فالسنة نظير السوق في الأين ، ومنه جنسىّ ، كمطلق الكون في الزمان أو في طرفه ، ومنه نوعىّ ، ككلّ من ذينك الكونين ، ومنه شخصىّ ، ككون هذا الشيء في هذا الزمان المطابق له ، أو في هذه السّنة. لكنّ الزمان الواحد قد يكون بعينه زمانا بالتحقيق لأشياء كثيرة على سبيل المطابقة. وإن كان متى كلّ منها هو خلاف متى الآخر ، لأنّ كون كلّ واحد منها في ذلك الزمان هو غير كون الآخر ، ولا كذلك المكان الواحد [١١٧ ب] ، فهو لا يكون مكانا حقيقيّا لعدّة فوق الواحد. فهناك يختلف النسبة والمنسوب إليه ، اللهمّ إلّا في الغير الحقيقىّ ، فيختلف النسبة فقط دون المنسوب إليه.
وأيضا يقع المضادّة في الاين ، فإنّ الكون عند المحيط يخالف الكون عند المركز ، وهما معنيان يوجد لهما موضوع واحد يتعاقبان عليه ، وبينهما غاية الخلاف ، وأيون متوسّطة ليس بينها تلك الغاية ، وليس يقع في متى. فالكون في الزمان وإن كان غير الكون في طرفه على أنّ بينهما غاية الخلاف ، فليس يوجد موضوع واحد يتعاقبان عليه أيصير التدريجىّ تارة دفعيّا أخرى [١١٨ ظ].
ثمّ الأين سبيله أن تقبل الأشدّ والأضعف فقد يكون اثنان كلاهما فوقين وأحدهما أشدّ فوقيّة ، إلّا أنّ قبول الأشدّ والأضعف لا يكون له باعتبار طبيعة الفوقيّة أو التحتيّة ، بل باعتبار الإضافة إلى فوقيّة أو تحيّة أخرى. فالفوق الحقّ لا يقبل الأشدّ والأضعف ، بل الفوق المضاف إلى آخر ، كما أنّ السواد الحقّ لا يكون أشدّ وأضعف ، بل المضاف إلى سواد آخر. ومتى ليس على ذلك السبيل ، فليس فيه أشدّ وأضعف مطلقا أو بحسب الإضافة. فإذن المقولتان لهما عوارض جامعة وعوارض فاصمة.
[٤] ذنابة
قال الشيخ في قاطيغورياس («الشفاء» ، ص ٢٣١) : «أقول : وقد هوّل فاضل المتأخّرين