[١١٨] ـ يعنى به المعلّم الثاني أبا نصر الفارابىّ ـ في العبارة عن المتى الخاصّ ، تهويلا مفرطا ، فقال : إنّ متى نسبة الشيء إلى الزمان الذي تنطبق نهاياته على نهايتى وجوده ، أو زمان محدود ، هذا الزمان جزء منه. وذلك أنّه ذكر نهايتى وجوده ، فبيّن أنّ الذي يصحّ أن يعنى الشيخ أبو نصر بذلك ليس الّا نهايتا متى الشيء ونسبته إلى زمانه.
قال بعد إبطال سائر ما يحتمل العبارة : وأمّا نهايتا النسبة ، فيمكن أن يجعل له وجه تأويل ، فيقال : إنّ معناه أنّ متاه هو نسبته إلى زمان ينطبق نهايتاه على نسبتين له إلى نهايتى هذا الزمان ، ثمّ لا نسبة له قبل ولا بعد [١١٩ ظ] إليه ، فيحب أن يفهم قوله على هذا الوجه. لكن نسبة الشيء إلى الآن الذي يقارنه عسى أن يظنّ بها أنّها ليست من مقولة متى بذاتها. فإن كان ذلك كذلك ، فكان هذا الرسم غير صحيح. وذلك لأنّ كون الشيء في آن ما لا يحمل عليه هذا الحدّ. لكنّ الحقّ أنّه يكون للشيء نسبة إلى الزمان ، لا على أنّه فيه ، بل على أنّه في طرفه ، ومع ذلك يكون آنا. فهذا يفسد ما قاله هذا الفاضل الفهم ، إلّا أن يحكم بأنّ النّسبة إلى الآن ليس من مقولة متى ، لكنّها لا مقولة لها يليق بها غير هذه المقولة ، ولا يعلمها غير داخلة في مقولة أصلا» انتهى قوله.
ثمّ قال : «ثمّ بعد هذا [١١٩ ب] نظر ، لكنّ الاشتغال به يخوض بالمبتدى في ما لا يعنيه». قلت : وكأنّه عنى به النظر في متى الأمور الغير الزمانيّة ، أعنى المفارقات ، فإنّه بخلاف متى الزمانيّات وأنّ فيه لغموضة يقصر عنها قواصر الأنظار ، فالاشتغال به لا يناسب فنّ قاطيغورياس ، الموضوع لمن بضاعته من الحكمة ، بضاعة المبتدعين.
[٥] استشهاد
ألست لو نظرت إلى قول بهمنيار في («التحصيل» ، ص ...) في فصل الأين والمتى ، بعد إيماء الكلام فيهما : «وستعلم أنّ الأمور الزمانيّة التي توصف أنها في زمان ، فهى أمور واقعة تحت التغيّر ، وأنّ الأمور الثابتة لا يصحّ أن يقال : إنّها موجودة في زمان ، بل لها كون آخر نبيّنه في مكان» ، لوجدت فيه [١٢٠ ظ] ، سوق ذلك القول من «الشفاء».
[٦] هداية وتحصيل
ألا إنّ ما ذكر هو متى الزمانيّات لا غير، أعنى الأمور الواقعة في الزمان أو في طرفه، و