[٨] دعامة تنويريّة
ألست تذعن أنّ الكائن في شيء يلزمه أن يختصّ بذلك الشيء على سبيل الانطباق عليه ، ولا كذلك الموضوع مع شيء فكأنّك [١٢٢ ظ] تفرّق بين المعينين ، فالأمر الزمانىّ هو ما يختصّ وقوعه بالانطباق على الزمان أو على جزء من أجزائه أو على آن من الآنات ، وما ليس بزمانىّ لا يكون كذلك ، بل إنّما يوجد مع الزمان ، لا كمعيّة الزمانيّات ويحيط به كلّه دفعة ، والزمان لكونه متغيّرا سيّالا بذاته ، فلا يكون فيه ولا معه معيّة زمانيّة إلّا ما يتغيّر بتغيّره ويسيل بسيلانه ، ويصحّ أن يكون له ابتداء وانتهاء. وأمّا ما هو خارج عن هذه فإنّه يوجد مع الزمان المعيّة التي هي إضافة عارضة ، فيجب أن يكون له اقتران به طبيعىّ ، فيتحقّق بينهما تضايف بالفعل لا بالفرض [١٢٢ ب] وذلك بأن يكون حاملا لمحلّه كالفلك او فاعلا لوجوده كالمبدإ المفارق.
قال الشيخ الرئيس في («النجاة» ، ص ١١٨) : «وليس كلّ ما يوجد مع الزمان فهو فيه ، فإنّا موجودون مع البرّة الواحدة ولسنا فيها».
وقال في («الشفاء» ، ص ١٧٠) : ومن المباحث في أمر الزمان أن نعرف كون الشيء في الزمان ، فنقول : إنّما يكون الشيء في الزمان على الأصول التي سلفت ، بأن يكون له معنى المتقدّم والمتأخّر ، وكلّ ما له في ذاته معنى المتقدّم والمتأخّر ، فهو إمّا حركة أو ذو حركة. أمّا الحركة فذلك لها من تلقاء جوهرها ، وأمّا المتحرّك فذلك له من تلقاء الحركة. وأمّا الأمور التي لا تقدّم فيها ولا تأخّر [١٢٣ ظ] بوجه ، فإنّها ليست في زمان ، وإن كانت مع الزمان ، كالعالم ، فإنّه مع الخردلة وليس في الخردلة. وإن كان شيئا له من جهة تقدّم وتأخّر ، مثلا لا من جهة ما هو ذات وجوهر ، فهو من جهة ما لا يقبل تقدّما وتأخرا ليس في زمان ، وهو من الجهة الأخرى في الزمان» انتهى.
وكأنّه لم يرم حصر الزمانيّات مطلقا في الحركة وذى الحركة. فكيف وإنّ ما يتوقف على الحركة ، كالحوادث المرتبطة بالأزمنة وأطرافها لمن الزمانيّات. فوجود الحادث باعتبار الحدوث والبقاء كليهما ممّا يختصّ بالوقوع في الآن أو في جزء من الزمان ، وليس بحركة ولا بذى حركة، بل إنّما رام [١٢٣ ب] بالزمانىّ ما يكون زمانيّا بالذّات ، أى لا من حيث كونه متوقفا على شيء هو زمانىّ بذاته أو بالحركة وذى