فما قال رأس المشّائية ورؤساؤها : «الحادث ممكن قبل الوجود ، وليس إمكانه هو اقتدار الفاعل عليه ، لصحّة التّعليل ، ولا ممّا يقوم بنفسه ، وإلّا لاستوت نسبته إليه وإلى غيره ، ولم يصحّ [٢١ ب] التّوصيف ؛ أو بأمر منفصل ، إذ صفة الشّيء لا تقوم بمباينه. فإذن ، هو قائم بمادّته» (الاشارات ، ص ٩٧).
يصحّ أن يفسّر بالاستعداد ، وهو عرض موجود ، أو بإمكان الوجود إذا اخذ رابطيّا ، وهو صفة عقليّة ، ولكن للشّيء العينيّ بحسب الوقوع في الأعيان ، فالمادّة حامل إمكان الوجود بالمعنيين. وما في «المطارحات» و «التلويحات» على الأخير ساقط.
وأما موضوع إمكان الوجود إذا أخذ محمولا لا رابطيّا فنفس الماهيّة لا غير ، والمفارقات المحضة إنّما إمكانها وقوّتها على قبول التّقرّر والوجود من الجاعل المبدع ، لا على أن تصير بالفعل شيئا ، فإنّها فعل مطلق بإفاضة الجاعل ، وليس لها معنى ما بالقوّة ، بل معنى ما بالقوّة فقط.
إيماض
(٣١ ـ الحادث محتاج إلى سبق وكذا العدم)
كما الوجود الحادث ليس له بدّ من سبق استعداد المادّة ، فكذلك العدم الطارئ. والفحص يحقّق : أنّ معناه انجذاذ الوجود ، فيرجع الأمر حقيقة إلى سبق الاستعداد على الوجود بما هو متخصّص بزمان محدود مجذوذ من جهتي البداية والنهاية جميعا. وأيضا الصّور المنجّزة الوجود مستردفة صورة أخرى ترد على المادّة مع انجذاذ الأولى. فورود الأخيرة الحادثة يقارن طروء العدم على المردفة المنجّزة ، وهو مسبوق بالاستعداد ، لا محالة ، فينسب ذلك إلى طروء العدم بالعرض.
فإذن ، إنّما مسبوقيّة العدم بعد زمان الوجود باستعداد المادّة بالعرض من سبيلين ، لا بالذّات وعلى سبيل الحقيقة ، فليس ذلك يصادم أزليّته بما هو عدم وليسيّة أصلا.
تنبيه
(٣٢ ـ السبق والاستعداد بالمادّة زمانيّ لا دهريّ)
إنّما المسبوقية بالمادّة واستعدادها هناك زمانيّة ، فحسب ، لا دهريّة أيضا. فهي