ثمّ قال (ص ١١٦) : «مشخّصاته ، وإن كانت جزئيّة ، فإن لها عللا وأسبابا كلية لا تتغيّر ، والبارى يعرفها كلّها كلية ، وهو يعرف أوائلها من ذاته ، لأنّ وجودها عنها ، وهو يعرف ذاته ويعرفها علّة وأوّلا لصدور الموجودات عنه. فعلمه [١٥١ ظ] غير مستفاد من خارج يلزم ذاته وذاته لا يتعيّن».
ثم قال (ص ١١٦) : «الأوّل يعرف الشخص وأحواله الشخصيّة ووقته الشخصىّ ومكانه الشخصىّ من أسبابه ولوازمه الموجبة له المؤدّية إليه. وهو يعرف كلّ ذلك من ذاته ، إذ ذاته هو سبب الأسباب. فلا يخفى عليه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرّة».
ثمّ قال (ص ١١٦) : «ينبغى أن نجتهد في أن لا نجعل علمه عرضة للتغيّر والفساد البتة بأن نجعله زمانيّا أو مستفادا من الحسّ ومن وجود الموجودات ، فيلزم ذاته أن أدخل في علمه الزمان ، فيكون متغيّرا وفاسدا ، لأنّ الشيء يكون في وقت بحال ويكون [١٥١ ب] في وقت آخر بحال آخر».
ثمّ قال (ص ١١٦) : «الأوّل يعرف هذا الكسوف الجزئىّ بأسبابه المؤدّية إليه ووقته الشخصىّ الذي يكون فيه بأسبابه الموجبة له ، ويعرف مقدار لبثه بسببه ، ويعرف انجلائه. بالسبب الموجب له ، وكلّ ذلك يعرفه كليّا بأسبابه المؤدّية إليه الموجبة له ، ويعرف المدّة التي بين الكسوفين وجميع أحواله وأسبابه الشخصيّة ، فلا يتغيّر علمه بتغيّر هذه الأشياء وتشخّصها ، إذ ليس يعرفها مشارا إليها». ثمّ قال (ص ١١٦) : «الشيء المشار إليه لا يعرف معقولا ، إنّما يعرف محسوسا».
ثمّ قال (ص ١١٦) : «العلم في الأوّل غير مستفاد من الموجودات ، بل من ذاته. فعلمه سبب لوجود الموجودات ، [١٥٢ ظ] فلا يجوز على علمه التغيّر ، وعلمنا مستفاد من خارج ، فيكون سببه وجود الشيء. وإذ كنّا لا ندرك إلّا الجزئيّات المتغيّرة ، فعلمنا يتغيّر، ولأنّها تبطل ، فيبطل علمنا بها».
ثمّ قال بعد قسط من القول (ص ١١٨) : «هو يعرف كلّ واحد من الأشخاص والأعراض والصّور مرّة واحدة ، وتكون كلّها متميّزة عنده بأعراضها وصورها. فأنا وأنت متميّزان عنده بصورنا وأعراضنا ولواحقنا. وكذلك الكسوفات الجزئيّة كلّها متميّزة عنده بأعراض كلّ واحد منها. والأزمنة أيضا متميّزة عنده بصورها و