أشخاصها ، [١٦٥ ط] وتشخّصها هي إمّا الزمان ، كما للحركات ، أو المكان ، كما للأجسام ، أو كلاهما ، كما للأشخاص المتغيّرة المتكثّرة الواقعة تحت نوع من الأنواع وما لا يكون مكانيّا ولا زمانيّا ، فلا يتعلّق بهما ، ويتنفّر العقل من إسناده إلى أحدهما ، كما اذا قيل : الإنسان من حيث طبيعة الانسانيّة متى يوجد أو أين يوجد ، أو كون الخمسة نصف العشرة في أيّ زمان يكون وأيّ بلدة يكون. بلى إذا تعيّن شخص منها كهذا الإنسان أو هذه الخمسة والعشرة فقد يتعلق بهما بسبب تشخّصهما.
وكون الأشخاص المتفقة الحقائق زمانيّا أو مكانيّا لا يقتضي كون المختلفة الحقائق غير زمانىّ وغير مكانىّ ، فإنّ كثيرا [١٦٥ ب] منها يوجد أيضا متعلّقا بالزمان والمكان ، كالاجرام العلويّة بأسرها ، وكليّات العناصر السفليّة.
وإذا تقرّر هذا ، فلنعد إلى المقصود ونقول : إذا كان المدرك أمرا يتعلّق بزمان أو مكان ، فإنما تكون هذه الادراكات منه بآلة جسمانيّة لا غير ، كالحواسّ الظاهرة والباطنة أو غيرها ، فإنّه يدرك المتغيّرات الحاضرة في زمانه ويحكم بوجودها ، ويفوته ما كان في زمان غير ذلك الزمان ويحكم بعدمه ، بل يقول : إنّه كان أو سيكون وليس الآن ، ويدرك المتكثّرات التي يمكن له أن يشير إليها ويحكم عليها بأنّها في أيّ جهة منه وعلى أيّ مسافة إن بعد [١٦٦ ظ] عنه.
وأمّا المدرك الذي لا يكون كذلك ويكون إدراكه تامّا ، فإنّه يكون محيطا بالكلّ ، عالما بأنّ أيّ حادث يوجد في أيّ زمان من الأزمنة ، وكم يكون من المدّة بينه وبين الحادث الذي يتقدمه او يتأخّر عنه ، ولا يحكم بالعدم على شيء من ذلك ؛ بل بدل ما يحكم المدرك الأوّل بأنّ الماضى ليس موجودا في الحال ، يحكم هو بأنّ كلّ موجود هو في زمان معيّن لا يكون موجودا في غير ذلك الزّمان من الأزمنة التي قبله أو بعده ، ويكون عالما بأنّ كلّ شخص في أيّ جزء يوجد من المكان وأيّ نسبة تكون بينه وبين ما عداه ممّا يقع في جميع جهاته ، وكم الأبعاد بينها [١٦٦ ب] جميعا على الوجه المطابق للوجود ، ولا يحكم على شيء بأنّه موجود الآن أو معدوم ، أو موجود هناك أو معدوم ، أو حاضر أو غائب ، لأنّه ليس بزمانىّ ولا مكانىّ ، بل نسبة جميع الأزمنة والأمكنة إليه نسبة واحدة. وإنّما يختصّ بالآن ، أو