شطر من الزمان أصلا أو شيء آخر يسعه أو يستمرّ أو لا يبقى ، كوجود أو عدم يطاوع انطباقا على ممتدّ أو طرفه بالمقارنة ، فيعقل فيه بحسب ذلك استمرارا ولا بقاء. وعلى ذاك يقاس في معنيى الأبد ، إلّا أنّ الزّمان في جهة الأبد لا يجب أن ينتهى إلى حيث لا يلحقه تحقّق شطر آخر منه ، وأزليّة البارى تعالى وأبديّته دوامه السرمديّ بالمعنى المسلف عقد الاصطلاح عليه ، [١٨٥ ب] فهذا سبيل نضبح الفلسفة اليونانيّة لتستوى حكمة يمانيّة.
[٥] اقتصاص
المتهوّسون بالقدم يجعلون الأزل مقدارا من الزمان في الماضى لا بداية له أصلا ، والأبد مقدارا منه في المستقبل لا ينتهى إلى حيث لا يستمرّ بعده ، والأزليّة حقيقتها استمرار الشيء في الأزمنة المقدّرة بحيث لا يكون له أوّل. والأبديّة استمراره في الآتية من الأزمنة بحيث لا يقف عند حدّ. والسرمديّة كون الشيء غير منقطع الأوّل والآخر. وربّما يطلق عندهم الأزليّة على كون الشيء لا أوّل لوجوده ولا يتعلق وجوده بالزمان ، كما في المفارقات ، [١٨٥ ظ] والأبديّة على نظيره. وربّما يقتصر فيهما على الأخير ، فيستعمل كلّ من الأزليّات والأبديّات حيث تستعمل أخراهما.
قال الشيخ الرئيس في («التعليقات» ، ص ١٨٨) ـ بعد ذكر الصفات الإضافيّة للمبدإ الأوّل تعالى ـ : «وأيضا له صفات عدميّة ، أعنى لا صفتيّة ، كالوحدة ، فإنّ معناها أنّه موجود لا شريك له ، أو لا جزء له. وإذا قيل أزليّ ـ أى إنّه لا أوّل لوجوده ـ فإنّه يسلب عنه الحدوث أو وجودا متعلّقا بالزمان. وهذه السلوب والإضافات ، لا تتكثّر بها الذات ، فإنّ الإضافة معنى عقلىّ لا وجود له في ذات الشيء. والنفى والسلب معان [١٨٦ ب] عدميّة ، بل رفع الصفات عن الشيء. ولكن لمّا كان لمثل هذه السلوب ألفاظ محصّلة ، مثل الوحدة والأزليّة ظنّ أنّها صفات محصّلة. وقد تكون ألفاظ محصّلة ومعانيها غير محصّلة ووجوديّة ، بل سلبيّة ، وقد تكون ألفاظ غير محصّلة ومعانيها محصّلة ووجوديّة انتهى.
[قال فالأوّل كالوحدة والزوج والفرد ، والثاني كاللاأعمى ، أى البصير ، منه رحمهالله].
وأمّا المتكلّمون ، فإنّهم ، إلّا شرذمة من المنتمين إليهم ، يتوهّمون أنّ بين وجود