يرسمان ذينك الممتدّين في الأعيان يرسمانهما في الأذهان أيضا تدريجا ، ولكنّهما يتحققان هناك على قرار الذات واجتماع الأجزاء بحسب البقاء دون [١٩٤ ظ] الحدوث ولا كذلك في الأعيان.
هذا ما استقرّت عليه آراء الأقدمين حتّى الشيخ الرئيس ومن تأسّى به من المحصّلين. وأمّا القاصرون عن سلوك سبيل التحصيل ، كعامّة المتأخّرين ، فإنّهم يقتصرون في الحركة القطعيّة ومقدارها من الزمان على الموجود في الأذهان.
[١١] استبصار
أليس إذا لم يتحقق الحركة القطعيّة في الأعيان أصلا يكون المتحرك ليس ينال بحركته شيئا من المسافة المتصلة في شيء من زمان الحركة أصلا ، ضرورة انطباقها على الحركة المعدومة المنطبقة على الزمان المعدوم ، فلم يصدق أنّه نال [١٩٤ ب] مسافة ما متصلة في زمان ما متصل بحركة ما متصلة ، بل هو يتوسّط أبدا بين حدود المسافة ، لا على أن يقطع شيئا من أجزائها في الأعيان قطعا متصلا أو قطوعا منفصلة. نعم يرتسم في الخيال من ذلك التوسّط متصل ، فيكون قد مرّ في الأعيان على متصل ويكون لم ينله بقطعة متصلا ، فهل يسع عقلك أن يصدّق فيه وهما.
[١٢] ظلمة وهم وإلاحة إزاحة
كأنّك تتوهّم أنّه لا يعقل حصول الشيء الواحد في نفسه على سبيل التدريج ، لأنّ [١٩٥ ظ] الحاصل في الجزء الأوّل من الزمان لا بدّ وأن يكون مغايرا لما يحصل في الجزئىّ الثاني منه ، لامتناع أن يكون الموجود عين المعدوم ، فيكون هناك أشياء متغايرة غير صالحة للانقسام متعاقبة ، لا يتصل بعضها ببعض اتصالا حقيقيّا ، لاستحالة اتصال الموجود بالمعدوم كذلك ، وكلّ واحد منها حاصل دفعة لا تدريجا.
فهذا الشكّ قد عرض لبعض أهل التهويل والتهويش من متقدّمة الفلاسفة ، فتشبّث به أفضل الدين الغيلانىّ وافتتن عليه مثير فتنة التشكيك في «المباحث المشرقية» ، ثمّ تفصّى [١٩٥ ب] انتهاجا لطريقة بهمنيار في «التحصيل» بالتزام أنّه لا يوجد من الحركة في الأعيان إلّا التوسّطيّة البسيطة ، وأمّا القطعيّة المتصلة فلا تتحقق