الحدوث فقط على معنى أنّ أجزاءه المفروضة متعاقبة في ذلك الارتسام الذي هو نحو وجودها. ثمّ هي توجد باقية معا هناك ممّا يصحّ أن يعدّ في ما ليس قارّا الذات. فلو لم يكن الأمر على سبيل ما حصّلناه ، من وجود الممتدّ المتصل منهما في الأعيان ، لا على جهة قرار الذات ، لم يكد يصحّ الحكم ، منهم بوجود العرض الغير القارّ ، ولا الإصرار ، في الإنكار عليهم في ذلك لخصمائهم.
[١٧] نكتة
الراسم لهما في الذهن إنّما هو التوسّط المذكور ، والآن السيّال بحسب وجودهما في الأعيان مستمرّين [٢٠٣ ظ] غير مستقرّى النسبة إلى حدود المسافة ، كما على ما حصّله محققوهم ، لا بحسب إدراكنا لهما كذلك ، كما ربّما يذهب إليه بعض الأوهام ، وكذلك الأمر في رسم القطر النازل خطّا مستقيما في الحسّ المشترك والنقطة الدائرة بسرعة خطّا مستديرا. فالمشاهد هو الخطّ المستقيم والخطّ المستدير ، لا القطر والنقطة ، وهما راسماهما من جهة الوجود في الأعيان مع تبدّل الأمكنة والأيون والسّموت. ثمّ كما يكون ذلك الارتسام في الأوهام الخياليّة ، فكذلك يكون في النفوس المنطبعة الفلكيّة أيضا. فيرتسم فيها الزمان [٢٠٣ ب] وحركة معدّل النهار التي محلّه من حيث كون الراسمين في الأعيان على الجهة المذكورة.
[١٨] إنارة تبصيريّة
أليس إذا تحقّق لديك : أنّ الزمان على أصول الفلسفة بهويّته الامتداديّة من الأزل إلى الأبد واحد شخصىّ موجود في وعاء الدهر ، لا تكثّر فيه إلّا بحسب ما يعرض له من الانفصال في الأوهام ، لأسباب مؤدّية إلى انقسامات وهميّة. ولا يثلم ذلك في وحدانيّته وشخصيّته في نفسه بحسب الأعيان. وكذلك الحركة. ثمّ إذا فرضت فيهما أجزاء كانت هي متعاقبة التحقّق حدوثا وبقاء باعتبار وجوداتها في أنفسها [٢٠٤ ظ] بالنسبة إلى ما في أفق الزمانيّات وبقياس بعض تلك الأجزاء إلى بعض ، ومن جهة نسبتها إلى الآن. وأمّا بحسب الثبوت الرابطىّ ، أعنى وجودها لمبدئها وحضورها عنده ، وبالجملة بالنسبة إلى المرتفع عن كورة الزمانيّة ، بل باعتبار الوجود في نفسه