في وعاء الدهر ؛ فلا تعاقب بينها أصلا ولا بين الزمانيّات مطلقا ، بل هي سواسية الإقدام في الحضور والتحقّق بحسب ذلك الاعتبار ؛ استشعرت أنّ الموجود الغير القارّ إنّما يكون له وصف عدم قرار الذات حدوثا وبقاء بحسب الوقوع في الافق الزمانىّ. وأمّا بالقياس إلى عرش وعاء الدهر وبالنسبة [٢٠٤ ب] إلى المراتب المتعالية عن الزمان ، لإحاطتها به ، فهو قارّ الذات على وصف اجتماع الأجزاء المفروضة في الحضور والتحقّق. وكذلك حال المرتسم في المشاعر من الطبيعة الغير القارّة برسم راسمها بالقياس إلى تلك الجنبة الرفيعة القدسيّة. وأمّا بالنسبة إلى ما يقع في قطر الزمان فإنّما يصف بعدم قرار الذات من جهة الحدوث فقط دون البقاء.
فإذن قولهم «ما يتجدّد من الزمان إنّما يوجد على سبيل وجود الأمور في الماضى» يعنى به أنّه إنّما يتمّ وجوده ويبقى في وعاء الدهر فقط ؛ وما يوصف من غير الزمان بالمضىّ فإنّما يقصد أنّه يوجد [٢٠٥ ظ] في شطر مخصوص أو حدّ معيّن من الزمان مضى ، والماضى بذاته إنّما هو زمان. وأمّا الحركة وغيرها فإنّما تتصف بالمضىّ بمقارنة الزمان لا بالذات ، كما أسلفناه. وقد صرّح بذلك في طبيعيات «الشفاء» وغيره. وقال في إلهيّات «الشفاء»: «الماضى إمّا بذاته وهو الزمان ، وإمّا بالزمان وهو الحركة ، وما فيها ومعها.
[١٩] تنظير استشهادىّ
أسمعتهم يقولون : إنّ للمنتسب إلى الزمان أسوة في الأحكام بالمنتسب إلى المكان ، فاعتبر ، في الحكم بأنّ الزمان قارّ الذات باعتبار وعاء الدهر غير قارّ الذات باعتبار افق وجوده الذي هو وعاء الزمانيّات ، من أنّ الجسم [٢٠٥ ب] المتصل يعدّ قارّ الذات من حيث تجتمع أجزاؤه بحسب الوجود في وعاء الزمان أو الآن وإن لم تكن مجتمعة باعتبار نسبة الوجود إلى وعاء المكان بحيث تجتمع في حدّ واحد من حدوده. أفليست أجزاء الجسم المتمكن إذا كانت تدرك أنفسها وأمكنتها كانت تزعم أنّ أمكنتها غير قارّة الذات ، من حيث إنّ أجزاء المكان غير مجتمعة التحقق بالنسبة إلى شيء من أجزاء المتمكن ، فالزمان ، سبيله بحسب وجوده في نفسه في وعاء الدهر لا في زمان ، سبيل المكان بحسب وجوده في نفسه لا في مكان ، و