في الحدوث الدّهريّ ، فضلا عن استمرار التّغيّر. فلم يكن في كتم العدم (اللّيس ب) الباتّ ومتن الانتفاء البحت شيء يتغيّر من صرف العدم إلى صريح الوجود ، وينتقل من اللّاشيئيّة إلى الشّيئيّة ، ويتوارد عليه اللّيسيّة والأيسيّة ، فيتقدّر ذلك التّغيّر ويتعلّق ذلك الانتقال بزمان [٢٤ ظ] أو آن.
إنّما ذلك ظنّ حزب الوهم ، وحسبان أمّة الطّبيعة وليس في العدم ما ينتقل من اللّيس إلى الأيس. بل الجاعل الحقّ المتقدّس عن شوب التغيّر ووصمة الانتقال ، قد فعل قاطبة الذّوات من المبدعات والكائنات في وعاء الدّهر ، دفعة واحدة دهريّة ، لا دفعة متقدّرة زمانيّة ، فشغل أيسها حيّز اللّيس ، وأبطل تحقّقها صدق عقد العدم مطلقا ، لا عن حدّ الوجود فقط ، لكنّها في أنفسها بحيث إذا لا حظها العقل المرتضع من ثدي الحكمة ، حكم أنّها مجعولة من تلقاء الجاعل ، وقد أخرجت من جوف العدم الخالص وجوّ اللّيس البحت ، إذ لم يكن في الوجود إلّا الجاعل.
ذنابة
(٤١ ـ أقسام المجعولات)
إنّ المجعولات ، منها : ما لا يصحّ له في وجوده انتقال من حال إلى حال ، فهو فعل محض وثبات صرف ، لا يتعلّق بحسب وجوده في نفسه بالزّمان أو الآن ، كما لم يتعلّق بذلك بحسب وجوده ، بالقياس إلى الجاعل وصدوره عنه. ومنها : ما له في وجوده أن يتغير ، فينتقل من شأن له بالفعل إلى شأن له بالقوّة ، أو بالعكس ؛ وهذا القبيل يتعلّق ، لا محالة ، بحسب وجوده في نفسه ، بزمان أو آن ، وبمادّة أو موضوع ، وإن لم يكن بحسب وجوده بالقياس إلى الجاعل متعلّقا بذلك ، فلذلك كان له مدّة في نفسه ، ولم يكن بينه وبين الجاعل مدّة ، وله في نفسه مادّة ؛ وليس بحسب صدوره عن الجاعل ووجوده بالقياس ، أي : حضوره بذاته عنده تكتنفه غواشي المادّة. فلذلك لم تكن ماديّته وزمانيّته بهذا الاعتبار ، بل بحسب اعتبار ذاته في ذاته.
تتمة
(٤٢ ـ اقسام الجائزات والممكنات)