الأوّل الواجب يعقل تلك الجواهر مع تلك الصور ، لا بصور غيرها ، بل بأعيان تلك الجواهر والصور ، وكذلك الوجود على ما هو عليه. فإذن لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة من غير لزوم محال من المحالات المذكورة ، فهذا أصل إن حققته وبسطته ، انكشف لك كيفيّة إحاطته تعالى بجميع الأشياء الكليّة والجزئيّة إن شاء الله تعالى ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» ، انتهى. فضمّ ذلك إلى أشباهه ممّا حكى سالفا عن الحكماء المحققين ، واهتد إلى الحقّ سبيلا [٢١١ ب].
[٢٣] استبصار عقلىّ
ألم يستبن لبصيرتك : أنّ ما تحقّق لديك ـ من وجود الزمان الممتدّ في نفسه على أنّه متصل واحد موجود في وعاء الدهر تجتمع أجزاؤه الفرضيّة في الوجود معا بالقياس إلى المبدأ الأوّل والمراتب العالية عن الزمانيّة ، وإن لم تكن مجتمعة بالنسبة إلى الزمانيّات ، وفي حدّ واحد من حدوده ؛ وكذلك الحركة المتصلة التي هي محلّه وعدم تعاقب الحوادث الزمانيّة بحسب وجوداتها العينيّة بالقياس إلى بارئها يستنهض برهان التطبيق والتضايف وبرهان الحيثيّات وغيرها من التي اقيمت [٢١٢ ظ] لدى المتهوّسين بالقدم وغيرهم من أئمّة الفلسفة الذين هم الحكماء الأصول على بطلان اللّانهاية في الكم المتصل ، كالمقدار الموجود في الكم المنفصل كمراتب الأعداد المجتمعة الوجود ، وفي الموجودات المجتمعة المترتبة وضعا أو الترتّب السّببىّ والمسبّبىّ بالطبع أو بالعليّة هناك أيضا.
فتنتهض تلك البراهين لإبطال كون الزمان والحركة لا بداية لهما في جانب الأزل ، وكون الحوادث المتسلسلة المتعاقبة غير متناهية لا أوّل لها ، فيلزم أن يكون امتداد الزمان ومحلّه من الحركة في جانب [٢١٢ ب] الأزل متناهيا ، كما أنّ الأبعاد الجسمانيّة أو المجرّدة المشغولة بها متناهية. وكذلك الحوادث المترتّبة المتعاقبة في أفق الزمان لا في وعاء الدهر وبالقياس إلى المبادى المفارقة منتهية إلى أوّل لا يتقدّمه حادث آخر زمانىّ.
فالآن حصحص الحقّ وبطل تشبّث المتهوّسين بالقدم في مصادمة البرهان بأنّ الموجود الغير القارّ بالذات وإن كان كمّا متصلا لكنّه لا يوجد بتمامه دفعة ، والأمور