المتعاقبة وإن كان لها عدد مترتّب الذات بالطبع لكنّها غير موجودة معا.
فهل حكم التطبيق وتكافؤ المتضائفات [٢١٣ ظ] في العدد وتناهي المحصور بين حيثيّة ما وأيّة حيثيّة كانت وغير ذلك ، مقتصر على ما يوجد بتمامه في حدّ من حدود الامتداد وعلى الموجود بجميع آحاده معا بالقياس إلى زمانىّ ما ، أو يشمل ذلك والموجود بتمامه في نفسه وما يوجد بجميع آحاده معا بحسب الواقع بالقياس إلى من يحيط بالزمان؟ أم هل أظنّك شاكّا في ضوء الحقّ بعد ما سطح صبح اليقين. فإذن قطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله ربّ العالمين.
[٢٤] وهم وإزاحة
لعلّك تقول : امتداد الزمان بحسب حضوره عند المبدأ الأوّل لا تكون أجزاؤه مترتّبة ، [٢١٣ ب] إذ لا ترتّب ولا تعاقب بذلك الاعتبار ، إذ لا تدريج من تلك الجهة ، بل الكلّ بذلك الاعتبار يتحقق معا دفعة. والترتّب إنّما هو باعتبار كونه تدريجيّا. وإنّما ذلك بحسب أصل الوجود في نفسه وأخذه مقيسا إلى شيء من الزمانيّات أو الآنات ، وبحسب ذلك الاعتبار لا يوجد ذلك الامتداد بتمامه. وكذلك الأمر في الحوادث المتعاقبة ، وحيث لا تدرّج ولا ترتّب ، لا جريان لحكم التطبيق.
فيقال لك : ألم يتل عليك أنّ المبدأ الأوّل تعالى ، بل المفارقات العقليّة ، يدرك ترتّب أجزاء الزمان والحوادث الزمانيّة [٢١٤ ظ] وتعاقبها بقياس بعضها إلى بعض ، على ما هي عليه ؛ وإن لم يكن ذلك بالقياس إلى المدرك وإدراكه ، فهو يعلم التدرّج فيها باعتبار ما يكون ، على أنّ هناك ترتّبا سببيّا ومسبّبيّا بحسب حضور المدركات عند المبدإ تعالى ، وإن يكن لها تعاقب زمانىّ بالنسبة إليه ؛ فإنّ أجزاء الزّمان ، كما يتقدّم بعضها على بعض تقدّما زمانيّا من حيث التدرّج ، فكذلك يتحقق بينها التقدّم والتأخّر بالطبع أيضا من حيث إنّ كلّا منها يتوقّف عليه ما بعده. وهي وإن لم يجر بينها التقدّم والتأخّر الزمانيّان من حيث تعاقب لها [٢١٤ ب] بحسب حضورها عند بارئها ، لكنّها تتصف بالتقدّم والتأخّر بالطبع بحسب ذلك الحضور ، فإنّ علمه تعالى بكلّ شيء إنّما يكون من جهة العلم بأسبابه المؤدّبة إليه. وكذلك حال الحوادث المتسلسلة المتعاقبة.
ثمّ إنّ وجود امتداد الزمان الذي هو مقدار متصل واحد في نفسه بحسب الواقع