عن الزمان ، فيكون [٢٢٠ ظ] بقاؤه في الأعيان على سبيل وجود الأمور في الماضى بالنسبة إلى زمانىّ ما ، لا غير. وهكذا إلى ما لا يقف على حدّ.
فإذن لا ينفذ حكم البرهان إلّا في الماضى ، من حيث كونه موجودا في نفسه عينا بحسب وعاء الدهر وبالقياس إلى المبدأ دون المستقبل الذي لا وجود له في نفسه بعد.
ثمّ لو بنى الكلام سلوكا لمسلك الجدل على تسليم أنّ ما يمكن أن يخرج إلى الفعل في الأبد يوصف باللّاتناهي ، والخارج بالفعل إلى الفعليّة متناه أبدا. قيل أيضا : إنّ المستقبل باعتبار حضوره عند المبدأ وإن صحّ وصفه باللّانهاية ، لكن ذلك ليس اعتبار وجوده [٢٢٠ ب] في نفسه ولا يكون هو بذلك الاعتبار موصوفا بالاستقباليّة ، وأمّا بحسب وجوده في نفسه فانّه متناه قطعا ، إلّا أنّه مستمرّ على الاتصال على أن لا يقف تناهيه عند حدّ أصلا ، بل يسيل على الاتصال إلى ما بعده أيضا.
ونظير ذلك من وجه : هو أنّ انقسامات الجسم المتصل الواحد غير متناهية في القسمة الفرضيّة العقليّة الكليّة ، وأقسامه الغير المتناهية بالعدد بحسب تلك القسمة داخلة في ملاحظة العقل بالفعل على أنّها غير متناهية بالعدد. وأمّا انقساماته الفعليّة بحسب القسمة الوهميّة الجزئيّة فهى متناهية بالعدد [٢٢١ ظ] غير متناهية ، على معنى أنّ مرتبة تناهيها غير متعيّنة ، لأنّ القسمة لا تقف عنده وإن كان كلّ ما يخرج منها إلى الفعل متناهية.
والفرق أنّ العقل لا يلحظ تلك الانقسامات إلّا نحوا إجماليّا ، لقصورها عن الإحاطة بما لا يتناهى تفصيلا. والبارى وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى ، فله الإحاطة التفصيليّة.
وبما حقّق أمر المستقبل من الزمان تحقّق أمر الحوادث المترتبة المتعاقبة في الأبد على القوانين البرهانيّة والجدليّة ، والمطلب رفيع السمك غائر العمق. فولّ وجهك شطر الخوض في النظر كى تدرك سمكه وغوره.
[٢٧] حكومة
كأنّ سبيل إبطال ما يهواه المتهوّسون بالقدم هو [٢٢١ ب] ما سلكناه على قواعد حكميّة تحصيليّة. وأمّا ما يتكلفه المتكلمون ، من إنفاذ حكم البرهان في ما لا يترتّب أولا يوجد دفعة واحدة من الأمور الغير المتناهية ؛ فيلتئم ، إمّا من ذائعات محمودة ، و