الحدوث ، أى الوجود بعد العدم ، لا بإطلاق لفظ الحادث الزمانىّ أو عدمه. فبعد وضوح المقصود لا صادّ عن أن يصطلح على ما يراد. كما أنّ القدم قد يطلق اصطلاحا على المعنى الإضافىّ ويتّصف به بعض الممكنات بالنّسبة إلى بعض. ثمّ عند الفلاسفة ربّما يعدّ نفس الزمان من المبدعات ، وإنّه ليتلى عليك من ذى قبل ، إن شاء الله ، القول في الإبداع ومقابلاته.
[٣٣] مصباح عقلىّ
فإذن ، ما أسهل ما يتأتى لك أن تتعرف أنّ مجموع الزمان ، [٢٣٨ ب] على الحكمة اليمانيّة ، مسبوق بالأزل الغير الزمانىّ ، لا بأزل زمانىّ ، وكلّ جزء منفصل منه عند الوهم عمّا سبقه من أجزاء الزمان مسبوق بحسب وجوده في نفسه بأزل زمانىّ هو مجموع الزمان السابق عليه ، لا الأزمنة الغير المتناهية في الماضى ، على ما يراه المتهوّسون بالقدم.
وأمّا بحسب نسبته إلى بارئه فلا يسبقه أيضا إلّا الأزل الغير الزمانىّ ، أى الأزل السرمديّ ، فان مسبوقيّته بذلك الامتداد الزمانىّ إنّما هو لأنّ هويّته الشخصيّة اقتضت أن يختصّ هو بحسب وجوده في نفسه [٢٣٩ ظ] بذلك الحدّ ، فيسبقه ما وراء ذلك الحدّ من امتداد الزّمان ، ويقع بينه وبين ما يختصّ بحدّ آخر شطر منه ضرورة. فأمّا من لا يختصّ بالوقوع في حدّ أو في مجموع الامتداد ، فلا يمكن أن يتخلّل بينه وبينه شطر من الزمان أو حدّ من حدوده.
فإذن ، سبق البارى تعالى على شيء من أجزاء الزّمان ليس تقدّما بالزمان ، بل إنّما هو تقدّم سرمديّ ، كسبقه على مجموع الزّمان المتّصل الشّخصىّ من غير تفاوت يقتضيه ذات السّابق الأوّل تعالى. ومع ذلك ، فإنّ كلّ جزء من الأجزاء المنفصلة وهما [٢٣٩ ب] عمّا يسبقها لا يوجد في نفسه إلّا بعد انقضاء ذلك السّابق الممتدّ. فلو كان لم؟ إلّا الأزل السّرمديّ. وسبيل الحركة وكلّ جزء من أجزائها وجميع الحوادث الزمانيّة بسلسلتها ، وكلّ واحد من آحادها فى ذلك المعنى هو بعينه سبيل الزمان وكلّ جزء من أجزائه.
وهذا ممّا يحوج تصوّره إلى تلطيف للقريحة وتنزيه للغريزة وتقويم للفكر وتقديس للسّر. وبالجملة ، لا يتخلّل بينه تعالى وبين شيء ما من الأشياء ، أصلا ، آن أو