متقدّما على الحادث الزمانىّ ، الذي يوجد من بعد ، وهو معدوم بالفعل ، فذلك أمر من أوائل القطعيّات؟
ثمّ ألستم جعلتم الاتّصاف بالتقدّم الزمانىّ مقصورا على الزمانيّات فقط ، والأوّل تعالى غير داخل فيها ، فإذن لا يكون تقدّمه على الحادث زمانيّا. وكيف يكون زمانيّا ، واتصاف [٢٤٢ ظ] غير أجزاء الزمان بالتقدّم الزمانىّ إنّما هو بالعرض ، بمعنى المقارنة لأجزاء الزمان المتصفة به حقيقة. وليس لوجود الواجب زمان يتصف هو من جهته بذلك ؛
وليس تقدّما بالعليّة ، لامتناع تخلّف المتأخّر بالعليّة عن المتقدم بها في الوجود الخارجىّ قطعا ، ولا تقدّما بالطبع ، إذ العقل يجد بينهما غير التقدّم بالطبع تقدّما آخر بحسب عدم الاجتماع في الوجود ؛
وبهذا الوجه بعينه ؛ ليس ذلك تقدّما بالشرف ولا بالمكان أو بالرتبة ، فيكون لا محالة تقدّما آخر خارجا عن الأقسام الخمسة. لكن لا على نحو ما تخيّله المتكلمون ، بل بحسب السرمديّة [١٤٢ ب] وعدمها. فلم اشمأزّت قلوبكم إذا قيل : إنّ الواجب تعالى متقدّم على الزمان ، بل على العالم كلّه ، ذلك التّقدّم ، فهل ذلك إلّا معاداة الحكمة ومعصية العقل وطاعة الوهم ، فأنتم إذن عصاة العقل وخصماؤه وولاة الوهم وأصدقاؤه.
[٣٦] استشهاد واستغراب
أليس مثبتو الوجود للزمان من المتهوّسين بالقدم ، وهم أسراء الوهم ، يجعلونه موجودا في نفسه مطلقا ، لا في زمان أو في آن ، فإنّ ذلك إنّما يلزم استيجابه في الوجود الزمانيات دون الزمان نفسه. كما أنّ المكان موجود في نفسه ، لا في مكان أو في حدّ من حدوده ، فإن ذلك [١٤٣ ظ] إنّما يستوجب في المكانيّات لا في المكان نفسه ، وقد سبق ذلك في المنقول عن «الشفاء» ، وشحن به كتب المتهوّسين بالقدم. ثمّ أليست نسبة العدم إلى الشيء ، شاكلتها في ذلك شاكلة نسبة الوجود إليه.
فإذن ، أليس لنا أن نقول : لمّا كان الزمان معدوما كان معدوما في نفسه ، لا في زمان أو في آن ، كما أنّ المكان حيث يكون معدوما يكون معدوما كذلك ، فاستفتهم : أمعدوميّة المكان وراء الفلك الأقصى عبارة عن عدمه هناك في مكان أو في حدّ من