السّقاية الثّالثة
فيها إثبات الهيولى الأولى الدّاخلة في تجوهر الجسم ،
والحاملة لتكوّن الكائن وفساد الفاسد
إيماض
(١ ـ موضوع العلوم في العلم الأعلى)
إنّما النّظر في تقرّر الحقائق وأحوال كلّ حقيقة في نحو وجودها على ذمة «العلم الّذي فوق الطبيعة» ، ولا شغل لذمم العلوم الجزئيّة بشيء من ذلك أصلا ، فضلا عن نفس موضوع وأجزائه. بل إثبات موضوعات جملة العلوم بأسرها على «العلم الأعلى» ، إذ موضوعه مطلق الحقيقة المتقرّر بما هي حقيقة متقرّرة ، بخلاف سائر العلوم. فإثبات الهيولى والصّورة وخواصّهما ليس من الحكمة الطبيعيّة ، بل من «الحكمة فوق الطبيعة». وكذلك [٢٥ ظ] : هل الجسم متألّف من أجزاء لا تتجزّى أم لا؟ بل ممتدّ متّصل ، فتلك من أحوال الجسم بما هو متقرّر ، لا من حيث هو واقع في التّغيّر ، أو مشتمل على المادّة ، أوله طبيعة.
وإنّما المتعلق بالطبيعيّات ما يستدل به على وجوده بالبيانات الطبيعيّة ، من جهة حركاته وقواه وأفعاله. فأمّا القول في التناهي واللاتناهي فعلى سبيلين : من جهة المقدار والجسم من حيث هو جسم ، ومن جهة أحوال الجسم من حيث هو متحرّك أو ساكن ، ومن حيث أفعاله وتأثيراته ، وبالجملة الأخيرة من علم الطبيعة وفي السّماع الطبيعيّ.
إيماض
(٢ ـ الجسم الطبيعيّ محسوس من جهة عوارضه)
إنّ الجسم الطبيعىّ ليس بمحسوس صرف أو معقول صرف ، بل هو محسوس من