سرمديّا ، لأنّ هناك عدما صرفا ، لا غير. وإنّما كان يمكن ذلك لو كان يتصوّر في ذلك العدم امتداد يعقل بحسبه واسطة يقع فيها ذلك الشيء وطرفان يقع فيهما البارى والزمان. وذلك بحت كذب الوهم وصرف توهّم المحبوس في سجن الهيولى ومحض ظنّ المستوطن في كورة الزمان [٢٤٥ ب].
فأمّا من يطير بجناح العقل في فضاء القدس فلا يصاد بشبكة الطبيعة وبرّة الوهم. نعم قد يتصوّر ذلك التوسيط بحسب التقدّم والتأخّر بالعليّة وبالطبع ، فيقال : لعلّ المتأخّر بالعليّة أو بالطبع عن المبدأ الأوّل تعالى ، كالعقل أو النفس أو جرم الفلك الأقصى أو حركته ، يتقدّم بالعليّة أو بالطبع على الزمان. ثمّ يشبه أن يكون أمر الزمان مناسبا لأمر المكان في أكثر الأحكام ،
فكما يمكن أن يقع مكانيّان [بينهما] قسط من المكان في زمان واحد ، فكذلك يمكن وقوع زمانيّين بينهما قسط من الزمان في مكان واحده ، وكما لا يتصوّر [٢٤٦ ظ] فوق محدّد الجهات امتداد مكانىّ أو لا امتداد كذلك ، إذ ليس وراءه خلأ ولا ملأ ؛ كذلك ليس يتصوّر وراء مجموع الزمان امتداد زمانى ولا لا امتداد كذلك ، إذ ليس فوقه ممتدّ ولا غير ممتدّ ، فلا يصدق هناك الّا امتداد مطلقا عدوليّا على أنّ له موضوعا هناك ، بل إنّما يصدق سلبا بسيطا في نفسه ، إذ هناك عدم صرف لا يتصف بالامتداد واللّاامتداد ، فإذن اللّاامتداد الزمانىّ لا يتصوّر هناك أصلا ، فضلا عن الامتداد.
وكما أنّ المكان موجود في نفسه بجميع أجزائه وإن لم يجتمع المكانيّات في شيء منها ، فكذلك الزّمان موجود في نفسه بجميع [٢٤٦ ب] أجزائه وإن لم يكن ذلك بالقياس إلى الزّمانيّات. فهذا ضرب من النّظر فيه نمط من التحصيل.
[٣٨] اقتصاص وحكومة
ما جبّ عرق إعضالها من شبه المتهوّسين بالعدم يقرب مسلكها من رابعة شبهات أبرقلس ، وهي تسع ، وما لفّقها الشيخ الرئيس وتلونا عليك إبطالها أيضا مستنبطة منها ومن التاسعة.
وعبارة أبرقلس في تقرير الرابعة على هذا السبيل : «إن كان الزمان لا يكون موجودا إلّا مع الفلك ، ولا الفلك إلّا مع الزمان ، لأنّ الزمان هو العادّ لحركات