يتّكل عليه في شرح كلام أرسطاطاليس ، بل أكثر تعويله على سامسطيوس.
وأمّا ما قاله صاحب الأنوار والإشراقات في «حكمة الإشراق» ، (ص ١٩) : «إنّ الاختلاف بين متقدّمى الحكماء ومتأخّريهم إنّما هو في الألفاظ واختلاف عاداتهم في التصريح والتعريض. والكلّ قائلون [٢٥٨ ب] بالعوالم الثلاثة ، متفقون على التوحيد ، لا نزاع بينهم في اصول المسائل». ففسّر الشارح [وهو قطب فلك التحقيق منه رحمهالله] ذلك بقوله : «أي في المسائل المهمّة التي هي الأمّهات ، كقدم العالم وصحّة المعاد وثبوت السعادة والشقاوة ، وأنّه تعالى عالم بجميع الأشياء ، وأنّ صفاته عين ذاته ، وأنّه يفعل بالذات ؛ وأمثال ذلك من الأصول الحكميّة وأمّهاتها. وأمّا الفروع ، فقد يقع الخلاف فيها ، لاختلاف مآخذها».
فالمراد بقدم العالم فيه إنّما هو نفى البدء الزمانىّ عنه ، يعنى أنّه لم يتقدّمه شطر من الزمان أصلا. ولا شكّ أنّه [٢٥٩ ظ] متفق عليه بين الفلاسفة. لا يستنكره من له قسط من تحصيل الحكمة ، بل بضاعة من غريزة العقل. وأمّا إثبات البداية له ، على المعنى المحصّل الذي سمّيناه الحدوث الدهريّ ، فدقيق غامض ، لم يتعرّفه الجمهور لدقّته وغموضته. إنّ معلّم الفلسفة المشائيّة ومن تأخّر عنه إلى يومنا هذا لفى غفلة عنه ، لمحوضة عقليّته وشدّة ارتفاعه عن الوهم. وأيم الله ، إنّه لمن أمّهات المسائل وعويصاتها. ولكن يعسر إليه بلوغ الطبيعة الوهميّة بنقيصاتها. فصقالة الجوهر القابل لفيض [٢٥٩ ب] العقل إنّما إكسيرها رفض البدن الغليظ السابل لفطرة النفس ، و (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ، («الحديد» ٢١)».
[٣٩] ذيل
ما أصحّ قول الشيخ الرئيس في «التعليقات» ، (ص ٨٥) : «المحدث ، إن عنى به كلّ ما له أيس بعد ليس مطلقا ، أى بعد أن كان معدوم الذات لا معدوما في حال من أحواله. وإن لم يكن في الزمان ، كان كلّ معلول محدثا ، وإن عنى به كلّ ما وجد في زمان ووقت قبله [فبطل] لمجيئه بعده ، أو تكون بعديّته بعديّة لا تكون مع القبليّة موجودة ، بل ممايزة له في الوجود ، لأنّها زمانيّة».
فلا يكون كلّ معلول محدثا [٢٦٠ ظ] ، بل المعلول الذي سبق وجوده زمان ، و