فيكون تحصّل كلّ بعض من ابعاض ذلك الحادث في بعض معيّن من أبعاض ذلك الزمان ؛ وضرب منه يوجد مجموعه في جميع أجزاء زمان ما ، لا على نحو الانطباق عليه ، بل بأن يوجد جميع ذلك الحادث في كلّ جزء فرض من أجزاء ذلك الزّمان.
وأمّا الحادث الدّهرىّ ، فيفيض بتمامه عن العلة مرّة واحدة ، ولكن لا في زمان ولا في آن ما من الآنات ، وهو يشارك الحادث الذاتيّ في ذلك المعنى ويباينه من حيث إنّ وجوده يكون مسبوقا بعدمه في الخارج ، فيحدث بتمامه (٢٧٥ ط) عن العلّة مرّة واحدة ، ويقع في الدّهر الذي ليس فيه امتداد ولا مقابله. والحادث الذّاتيّ لو لم يكن حادثا دهريّا على ما اخترعه المتهوّسون بالقدم لا يكون كذلك. بل يكون موجودا دائما دواما دهريّا. لكن لا دواما ذاتيا ، بل بتأثير العلّة وإفاضة الموجد على الدوام.
استقراء
يندرج في النّوع الأوّل الأمور الآنيّة ، كالوصولات إلى حدود المسافة والوصول إلى ما إليه الحركة والكون والتّربيع والتّماسّ والسّكون وانطباق إحدى الدّائر تين على الأخرى وأحد الخطّين على الآخر وكلّ ما يكون له آن ابتداء الحدوث ثمّ يستمرّ وجوده زمانا.
ويقع في النوع الثاني (٢٧٥ ب) الحركات القطعيّة ومقاديرها المنطبقة هي عليها من الأزمنة الحادث ارتسامها في الاذهان وما يتبع الحركات من الهيئات الغير القارّة ، كالأصوات وأمثالها.
ويدخل في النّوع الثالث الحركات التّوسّطيّة وحدوث الزّاوية بالحركة ، كزاوية المسامتة الحادثة بين خطّين متوازيين يتحرك أحدهما عن المسامتة إلى الموازاة وافتراق أحد الخطّين المنطبق أحدهما على الآخر عنه أو مقاطعهما بالحركة واللّاوصول واللّامماسّة والفساد. وبالجملة ، كلّ ما لا يتمّ إلّا بالحركة ، لا بالانطباق عليها وعدم الأمور الآنيّة الحصول وعدم الآن ، بل الأعدام الطّارية للحوادث مطلقا (٢٧٦ ظ) بعد آخر آنات وجودها ولو استقريت وجدت جزئيّات تكاد لا تنحصر.
فإذن ، قد انكشف لك ما أسلفناه ، من حلّ الشكّ للمتوهّمين في أمر عدم الآن ، وأنّه يلزم أن يكون تدريجيّا أو يستوجب مشافعة بين الآنات.
فكأنّه قد بان أنّ الآن إنّما يعدم في جميع الزمان الذي بعده وفي كلّ جزء وحدّ