كما أنّ القسىّ الواقعة من المارّة بالأقطاب الأربعة بين مدارات الميول لأطراف القسىّ المتساوية المتتالية المفصولة بها من منطقة البروج مخالفة ، أعظمها ما يقرب من المعدّل ، لما في خامس ثالثة «أكر ثاوذوسيوس» ، وجيب مجموع القوسين المختلفين أصغر من ضعف جيب الأعظم منهما. وإن استندت تلك المخالفة إلى غير ذلك أيضا ، كان جيب ضعف القوس أصغر من ضعف جيب القوس ، كما برهنّا عليه في رسالتنا : «جيب الزّاوية» ،
فيشمل الحكم ما إذا تساوت القسىّ الواقعة من دائرة الارتفاع بين تلك المنتظرات ، كما في خطّ الاستواء من تلك الجهة ، كما يشمل الآفاق المائلة من الجهتين ، وككون جيب ارتفاع ساعة منضمّا إلى ارتفاع جيب ارتفاع الأخرى أصغر في الرّؤية ممّا إذا انفرد لقربه من الأفق ورؤيته أعظم ممّا إذا بعد عنه ، فيظهر الحكم حينئذ في جميع الآفاق مع قطع النّظر عن تخالف جيب ضعف القوس وضعف جيب القوس أيضا.
ثمّ على ما حقق ، يتفرع مسألة غريبة أخرى ، هي أنّ مقدار اليوم إذا أخذ المبدأ من الغروب. مثلا ، إذا كانت الشمس في أولى السّرطان عند الطلوع ، كان مقدار اليوم بليلته إذا أخذ المبدأ من الطلوع دورة من المعدّل ومطالع الدّرجة الأولى من السّرطان ؛ وإذا كانت عند الغروب كذلك ، وأخذ المبدأ من الغروب ، كان مقداره دورة من المعدّل ومغارب الدّرجة الأولى من السّرطان. وقد تبيّن أنّ مطالع القوس في آفاق المائل لا تساوى مغاربها. فقد اختلف مقدار اليوم بليلته في أفق واحد والشمس في موضع واحد من جهة اختلاف المبدأ.
فربما يسأل أنّ مقدارا واحدا ، هل يمكن أن يخالف نفسه في الكميّة بسبب اختلاف اعتبار المبدأ. ويجاب بالإمكان ، ويستغرب غاية الاستغراب. وفي المقام دقّة وغموضة مع لطافة ونفاسة. فتلطّف في سرّك وتبصّر في تخيّلك كى تتجلّى عليك خبيئة المرام من جلباب الكلام. والحمد لواهب الفكر ومفيض الإلهام.
كتابخانه مجلس شوراى اسلامى ، مجموعه ، ش ١٢٣١).