من التّحصّل التّعيّنى. وإذا كان الشّيء له كمال التّحصّل في مرتبة الذّات يكون له الوجود ، وكلّ أمر يكون له الوجود والتّعيّن فى مرتبة الذّات يكون واجب الوجود بالبديهة ، لأنّ نسبة الوجود والتّعيّن إليه حينئذ تكون مثل نسبة الإنسانيّة إلى الإنسان ، ولهذا تكون عينيّة التّشخّص وعينيّة الوجود من خواصّ الواجب ، جلّ شأنه.
والثّاني ، أنّه إذا لم تكن الماهيّات امورا متحصّلة في الخارج بل تكون من الانتزاعيّات فقط ، كالأمور العامّة ، وتكون المتحصّلات الخارجيّة منحصرة في الوجودات المتشخّصة بذاته ، فيلزم أن لا يكون الكلّىّ الطّبيعىّ موجودا في الخارج ، لأنّ المفروض أنّ الأمور المتحصّلة في الخارج منحصرة في الأمور المتشخّصة بذاته. والكلّىّ الطّبيعىّ ليس متشخّصا بذاته ، فلا يكون الكلّىّ الطبيعىّ موجودا في الخارج أصلا ؛ فيلزم أن يسقط مطلب «ما» ، وينحصر المطلب في مطلب «من» ، والحال أنّ القوم قاطبة جعلوا أمّهات المطالب أربعة: مطلب ماء الشّارحة ، ومطلب هل البسيطة ومطلب ماء الحقيقيّة ، ومطلب هل المركّبة ، على ما حقّق في مقامه.
والثّالث ، أنّ المفروض هو أنّ الأمور المتحصّلة في الخارج إنّما هي الوجودات المتكثّرة ، فيكون كلّ واحد من تلك الوجودات معبّرا عنه بمفهوم الوجود الّذي هو المشترك المعنوىّ ، فيلزم أن يكون المفهوم واحدا ، والمعبّر عنه متعدّدا ، وقد عرفت أنّ المفهوم الواحد لا يكون له إلّا المعبّر عنه الواحد. فخذ ما آتيناك واذهب إلى ما أريناك ، وكن من الشاكرين.
(٣)
رسالة في القدرة أيضا من مؤلّفاته ، أعلى الله درجته.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال خاتم الحكماء المتألهين ، سيّد المدقّقين ، ثالث المعلّمين ، قدّس الله روحه : سألت ببيت المقدس الشّريف عن حقيقة القدرة والإرادة والدّاعى وتحقيق المذهب على سبيل الإجمال. فأجبنا بما هذه صورته :
«القدرة» تؤثّر وفق الإرادة ، فخرج عنها ما لا تأثير له ، كالعلم ، إذ لا تأثير له وإن توقّف تأثير القدرة عليه ، وما يؤثّر لا وفق الإرادة ، كالطبيعة للبسائط العنصريّة ، وهى في