(٤)
رسالة في علم الواجب أيضا من مؤلفاته برد الله تعالى مضجعه الشّريف
بعد الحمد لمفيض العلم وواهب العقل ، والصّلاة على أفضل المرسلين وآله الطّاهرين ، يقول أحوج الخلق إلى الله الغنىّ محمّد بن محمّد ، المدعوّ بباقر الدّاماد الحسينىّ ، ختم الله له بالحسنى :
ضابط مقام التّحقيق في علم الواجب أن يقال : العلم قد يطلق على المعنى المصدرىّ الإضافىّ المعبّر عنه بالفارسيّة بدانستن ؛
وقد يطلق على ما هو مبدأ الانكشاف ، وهو صفة وملكة تقوم بالمجرّد ، فيصحّ إطلاق العالم عليه ؛
وقد يطلق على الصّورة الحاضرة من الشّيء عند المجرّد. وهذا المعنى الأخير هو المراد في قولهم : «العلم متّحد مع المعلوم بالذّات والماهيّة ، مخالف له بالاعتبار».
والعلم بالمعنى الأوّل ، لا يصلح أن يكون عين الواجب تعالى ، ولا شيئا من الماهيّات الحقيقيّة.
وعلمه تعالى ، بالمعنى الثّاني ، بذاته تعالى مفصّلا أى باعتبار ذاته ومن حيث إنّه مصداق للصفات الحقيقيّة ، وبما سواه من المعلومات مجملا ومفصّلا ، أى علما إجماليّا وعلما تفصيليّا عين ذاته ، بمعنى أنّه لا يجب أن يقوم به تعالى مبدأ الانكشاف حتى يطلق عليه العالم ، كما في الممكنات من المجرّدات ، بل ذاته تعالى بعين ذاته مبدأ انكشاف ذاته ومعلوماته من دون قيام صفة وملكة ، به يكون منشأ الانكشاف ، فالأثر المرتّب على منشأ الانكشاف يترتّب في الواجب على نفس ذاته ، فيكون ذاته بهذا الاعتبار علما وعالما. وعلمه بهذا المعنى لا يكون عين معلوماته ، بل عين أحد معلوماته ، وهو ذاته تعالى. فذاته تعالى معلوم وعلم وعالم باعتبارات.
وعلمه تعالى ، بالمعنى الثّالث ، بذاته وبمعلوماته على سبيل الإجمال ، عين ذاته. فإنّه تعالى لمّا كان بذاته علّة للمعلومات ، كان حضور ذاته بعينه حضور ذوات جميع معلوماته على الاجمال ؛ وهذا العلم الإجمالىّ علم بسيط وحدانىّ إجماليّ