وأمّا الإيراد الثّاني ، فلأنّ التّصديق بشيء ليس هو الوجود الذّهنىّ الارتسامىّ لذلك الشّيء فقط ، بل هو اعتقاد تحقّق ذلك الشّيء في نفسه ، مع قطع النّظر عن الوجود التّصوّرىّ ، فكيف يجوز أن يكون مفهوم بحسب خصوص وجوده التّصوّرىّ ، مع عدم تحقّقه في نفسه مفيدا له. كيف ، والمعلول تحقّق الشّيء في نفسه ، فيجب تحقّق العلّة في نفسها ليتحقّق ذلك المعلول ، وإلّا لزم الفساد الّذي أشار إليه الشّيخ.
وبهذا المبلغ من الكلام يظهر انعكاس تشنيع المحقق على الشّيخ ، ولاح في تضاعيف ما ذكرنا وجه وجيه لقولهم : «لا مطابقة في التّصوّرات أصلا» ، بمعنى أنّ التّصوّرات لا تحتمل المطابقة وعدمها ، والمقابلة بين المطابقة وعدمها تقابل العدم والملكة ، فخلوّ الموضوع الغير القابل عنهما جائز ، وذلك ، لأنّ التّصوّر هو الوجود الارتسامىّ للشىء مع عدم اعتبار تحقّق أو لا تحقّق للمرتسم في نفسه ، مع قطع النّظر عن هذا الوجود التّصوّرىّ الارتسامىّ ، فلا يعقل هناك مطابقة ولا لا مطابقة.
والتّصديق هو الحكم بتحقّق الشّيء مع قطع النّظر عن الوجود التّصوّرىّ ، فله لا محالة مطابق خارج عن اعتبار الذّهن ، وإن كان ذلك المطابق نفس ذلك الشّيء الموجود في الذّهن من دون اعتبار خصوص وجوده الذّهنىّ ، فإن طابق الحكم المطابق كان صادقا ، وإلّا كان كاذبا. فاندفع الإيراد المشهور على قولهم : «التّصوّرات لا تحتمل المطابقة ولا عدمها». فتأمّل وكن على بصيرة في أمرك. وهذا من سوانح الوقت لساطر الأحرف.
(٩)
تعليقة على حكمة الإشراق
كتبه للأمير أبو الحسنا الفراهانى
بسم الله الرحمن الرحيم ، والثّقة بالله العزيز العليم
بعد الحمد لواهب الحياة ومفيض العقل حقّ حمده ، والصّلاة على عفوة الخليقة وناصية عالم الإمكان ، سيّدنا ونبيّنا محمّد وعترته ، القدّيسين السّبّيقين ، وحامّته الأقربين ، القائمين بالأمر من بعده.
سمير ضمير مستنير مى دارد كه مرتبه تشوّق شراشر مشاعر ، ودرجه انجذاب أوراق باطن وظاهر ، به صحبت عالم علوى بهجت حضرت سيادت ونجابت پناه ،