وتشخّصه وخصوصيّة وجوده المنفرد له كلّها واحد». فهو الحقّ وعليه الفتوى. لست أقول: التشخّص بعينه هو الوجود بالحمل الأوّليّ الذّاتيّ ؛ بل إنّ تشخّص الشّيء من جهة نحو وجوده الّذي يخصّه العقل به ، ممتازا عن وجودات الأشياء ، مباينا في الحمل ، بما له من الخواصّ واللوازم والأعراض اللاحقة الّتي هي أمارات الوحدة الشّخصيّة من تلقاء اقتضاء جوهر الماهيّة أو بحسب استعداد المادّة. وإنّما مبدأ شخصيّة نحو الوجود ، أي امتناع حمله على كثيرين ، ارتباطه بالموجود الحقّ المتشخّص بنفس ذاته ارتباطا خاصّا يجهل كنهه ويعلم خصوصه بالبرهان. أليس العقل الصّريح الّذي لم يكدر بصحابة الطّبيعة يحكم أنّ الكليّات المتضامّة متناهية وغير متناهيّة ، ككلّ واحد في عدم إفادة الشّخصيّة. فلو كان لكلّ شيء ماهيّة كليّة لاستحال حصول الجزئيّة. فشيء ممّا يقع تحت مقولات الجائزات لا تكون بحسبه الشخصيّة. فإذن ، شخصيّة الأشياء بالمشيّئ المبدع المتشخص بالذّات ، كما وجودها ووجوبها به.
وتشخّص الشّيء هو نحو وجوده الّذي يخصّه العقل به فائضا عن مبدعه. فإن كان من الأنوار المفارقة كان جوهر حقيقته بحسب جوازه الذّاتيّ صالحا لقبول التشخّص والوجود من جاعله ، فهو بذاته يفعل ماهيّته وشخصيّته ؛ وإن كان ممّا كونه للمادّة ، فتهيّؤه للقبول بحسب ما يستأنف لمادّته من الاستعداد. وبالجملة ، تعدّد الوجود تكثّر الأشخاص الموجودة ، وتوحّده توحّد الشّيء بالشّخصيّة. فإذ ، الاتّصال والانفصال توحّد الوجود وتكثّره ، فالوحدة الاتّصاليّة ، لا محالة ، مساوق الحصول للوحدة الشّخصيّة ، والكثرة الانفصاليّة للكثرة الشّخصيّة. فإذن ، قسمة المتصل مطلقا تحويل الوحدة الشّخصيّة [٢٨ ب] إلى الكثرة الشّخصيّة.
فقد استبان : أنّ الأجزاء المقداريّة متأخّرة عن الكلّ في الوجود ، والصّورة الاتّصاليّة ، ممتنعة البقاء مع طروء الانفصال ، سواء كان ذلك في الأعيان أو في الوهم.
تنبيه
(١٢ ـ أخذ ما بالعرض مكان ما بالذّات)
فالجسمان ليس شيء منهما بجزء جسم ما إلّا على سبيل الفرض ، لا بالفعل. وأمّا الشّجرة ، مثلا ، فجسم واحد بالطّبع ، لا وحدة مقداريّة ، بل على نوع آخر. فالنار جزء ،