(١٥)
جواب المغالطة المشهورة لابن كمونة
قد تمهّد للمغالطة المشهورة لابن كمونة مقدّمة ، هى أنّ عدم استلزام الشّيء لرفع أمر واقعىّ مستلزم وجود هذا الشّيء ، لأنّه لو لم يستلزم الوجود لكان محقّقا مع العدم ، والعدم لا محالة يكون حينئذ أمرا واقعيّا ، والوجود يرفع هذا العدم ، فيلزم استلزام الوجود لرفع الأمر الواقعىّ الّذي هو العدم. وهو خلاف المفروض ، لعدم استلزام الوجود لرفع أمر واقعىّ مستلزم للوجود.
إذا تمهّد هذا ، فنقول : المعدومات مطلقا موجودة ، لأنّ وجودها ليس مستلزما لرفع أمر واقعىّ ، وكلّ ما ليس وجوده مستلزما لرفع امر واقعىّ فهو موجود.
أمّا المقدّمة الثّانية ، فهى ظاهرة ، بناء على ما مهّد. وأمّا الأولى ، فلأنّه لو لم يكن حقّا لكان نقيضه حقّا. وهو أنّ وجودها مستلزم لرفع أمر واقعىّ ، وإذا كان وجودها مستلزما لرفع واقعىّ لكان مستلزما لذلك الاستلزام أيضا ، فيكون استلزام رفع الأمر الواقعىّ لازما للوجود ، فعدم الاستلزام مستلزم للعدم ، بناء على أنّ نقيض اللّازم ملزوم لنقيض الملزوم ، وقد سبق فى ما سبق أنّ عدم الاستلزام مستلزم الوجود ، هذا خلف.
حلّه : أنّ عدم الاستلزام الّذي فى ما سبق مباين للاستلزام الّذي هاهنا. وذلك أنّ المراد فى ما سبق عدم الاستلزام بمعنى أن لا يكون أصل الاستلزام متحققا بين الوجود والارتفاع. لكن ليس الوجود والارتفاع متحققين حتى يتحقق الاستلزام. ولنورد لتوضيحه مثلا : أمّا عدم الاستلزام المذكور أوّلا ، فلعدم الاستلزام الّذي بين طلوع الشمس ووجود اللّيل. وأمّا عدم الاستلزام المذكور ثانيا ، فلعدم الاستلزام الّذي بين طلوع الشمس ووجود النّهار. م ح ق. انتهى (حكمت بوعلى سينا ، ج ٣ ، ص ١٨٣).
(١٦)
تعليقة
الحقّ أنّ انتفاء أحد الأجزاء ليس علّة لعدم المركّب ، بل هو مقارن لعلّته ، فإنّ علّة عدم المركّب انتفاء علّته التامّة ، وانتفاء أحد الأجزاء مقارن لانتفاء العلّة التامّة ولازم له.