إيماض
(١٤ ـ الوحدة الشّخصيّة)
أليس قد آن لك أن تتعرّف أنّ الوحدة الشّخصيّة تختصّ من بين أنواع الوحدة بأنّها ليست بحيث يمكن أن يزول عن موضوعها ، فتتعقّب عليه الكثرة الشخصيّة المقابلة ، بل هي ومقابلتها ممتنعتا التعاقب على موضوع واحد. أعني : أن كلّ واحدة منهما بطباعها تتأبّى إلّا أن يكون زوالها بزوال المعروض. إنّما احتمال التوارد شاكلة سائر أنواع الوحدة والكثرة ، فقد دريت أن الوحدة الشّخصيّة مساوق الوجود. ومن المتهافت أن يبطل نحو وجود الشّيء وتستمرّ ذاته ، فلا يتصوّر توارد وجودات على شيء ما بعينه بحركة ولا لا بحركة.
وأيضا الوحدة الشخصيّة مفهومها عدم الانقسام إلى الجزئيّات ، كما الوحدة الاتّصاليّة مفهومها عدم الانقسام بالفعل إلى الأجزاء المقداريّة. فإذا أمكن زوالها عن الموضوع مع استمرار الذّات بتعقّب الكثرة الشّخصيّة المقابلة لصحّ صيرورة الجزئيّ كليّا. وهذا أصل ليس يستنكره أحد من حزب الحقيقة [٢٩ ب].
تشريق
(١٥ ـ التعاقب والتبادل)
تحققن : أنّه لا فرق هناك في الاستحالة بين التعاقب التعقّبيّ من بعد الحصول والتبادل
الابتدائيّ من بدء الفطرة ، فالبيانان ناهضان في الصّورتين ؛ بل إنّ كون الشّيء بحيث لا يأبى أن يكون له في ابتداء الفطرة هذا النحو من الوجود أو ذاك ، وحقيقة الجزئيّة أو طبيعة الكليّة أشهد بفساد نفسه من الّذي على سبيل التعاقب.
ثمّ لو كان لمفهوم ما صلوح أن يكون من أوّل الفطرة إمّا على طباع إمكان تكثّر الأشخاص أو على طباع امتناع الحمل على كثيرين ، كان إنّما له بحسب الذّات الطباع المشترك دون شيء من الخصوصيّتين. فيكون كلّ من الأمرين بخصوصه له ، لا بنفس الذّات ، بل بمقتض من خارج. فيكون الجزئيّ جزئيّا لا بالذّات بل بعلّة ، والكلّيّ كليّا لا بالذّات بل بعلّة ، ولعلّ تسويغ ذلك إثم مبين.