عنه على ألسنة أكارم الحكماء بالإنسان الكبير.
فإن روعيت أعميّة الصّنف بالقياس إلى الشّخص المندرج تحته وشموله إيّاه ، وكذلك النّوع بالقياس إلى الصّنف ، والجنس بالقياس إلى النّوع ، قيل : التّشخّصات والأشخاص بمنزلة الحروف والكلمات المفردة والأصناف بمنزلة أفراد الكلام والجمل ، والأنواع بمنزله الآيات، والأجناس بمنزلة السّور ، والقوى واللوازم والأوصاف بمنزلة التّشديد والمدّ والإعراب.
وإن لوحظ تركّب النّوع من الجنس والفصل ، والصّنف من النّوع ، واللواحق المصنّفة والشّخص من الحقيقة الصّنفيّة والعوارض المشخّصة عكس ، فقيل : الأجناس العالية والفصول بمنزلة حروف المبانى ، والأنواع الإضافيّة المتوسّطة بمنزلة الكلمات ، والأنواع الحقيقيّة السّافلة بمنزلة الجمل ، والأصناف بمنزلة الآيات ، والأشخاص بمنزلة السّور.
وعلى هذا ، فتكون النّفس النّاطقة البشريّة البالغة فى جانبى العلم والعمل قصيا درجات الاستكمال ، بحسب أقصى مراتب العقل المستفاد ، لكونها وحدها فى حدّ مرتبتها تلك عالما عقليّا هو فسحة عالم الوجود بالأسر ، ومضاهيته فى الاستجماع والاستيعاب ، كتابا مبينا جامعا ، مثابته فى جامعيّته مثابة مجموع الكتاب الجملىّ الّذي هو نظام عوالم الوجود ، بقضّها وقضيضها على الإطلاق قاطبة. ومن هناك يقال للإنسان العارف : العالم الكبير ولمجموع العالم : الإنسان الصغير.
واذ قد هديناك سبيلى النّسبتين المتعاكستين فى ما ينتظم منه العالم وما يأتلف منه الكتاب ، فاعلمن أنّ لكلّ من الاعتبارين درجة من التحقيق ، وقسطا من التحصيل. فاذن بالاعتبار الأوّل ، ينتزع منه إطلاق الكلمات على أشخاص المعلومات ، ومنه ما قال ، جلّ سلطانه ، فى التّنزيل الكريم : (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ، [آل عمران ، ٤٥].
وبالاعتبار الثّاني ، يظهر سرّ قول رسول الله ، صلىاللهعليهوآله : «مثل عليّ بن أبى طالب فيكم مثل قل هو الله أحد فى القرآن». وطىّ مطاويه سرّ عظيم ، يكشف عنه قوله ، صلىاللهعليهوآله : «مثل عليّ بن أبى طالب فى هذه الامّة مثل عيسى بن مريم فى بنى إسرائيل». وقد روته العامّة والخاصّة من طرق مختلفة.