المساحيّة بعينها ، سواء كانت في اتّصال واحد أو في اتّصالات متعدّدة ، أيّ عدد كان ، بعد أن يضبطها جميعا ذلك القسط المساحىّ بعينه.
فإذن ، طبيعة الصّورة الجرميّة الّتي حظّها في المساحة ذلك القسط بعينه مقوّمة لوحدة هيولاها الشّخصيّة الذّاتيّة ، وكلّ من تعيّناتها بحسب المراتب الاتّصاليّة والانفصاليّة لا إلى نهاية محمولة فيها ومتقوّمة بها ومحصّلة [٣٢ ط] لوحدتها الشّخصيّة الذّاتيّة المبهمة بالقياس إلى التشخّصات الّتي لها بالعرض ، وكلّ من تلك المراتب بتعيّنها الشخصيّ ترفع ذلك الإبهام.
شك وتحقيق
(٢٣ ـ المادّة لا تقبل الانفصال)
أظنّ المتشكّكين ليجتذبنّ سرّك بتشكيكهم : أنّه إذا طرأ الانفصال ، فمادّة كلّ من الهويّتين الحادثتين : إمّا هي بعينها مادّة الأخرى ، وتأباه الفطرة والبرهان. وإمّا غيرها : فإمّا هما موجودتان بالفعل قبل الانفصال أيضا ، فتكون كلّ مادّة مشتملة بالفعل على موادّ متكثّرة إلى لا نهاية ، إزاء للانقسامات الممكنة لا إلى نهاية ؛ وإمّا حادثتان حين الانفصال ، فتنفصل المادّة أيضا إلى جزءين هما المادّتان. فلم يكن بدّ من مادّة أخرى للمادّة ، وإلّا كان الانفصال انعداما للصورة والمادّة بالمرّة ، فيساق النّظر إلى انقسام تلك المادّة أيضا إلى مادّتى المادّتين ، وهكذا إلى لا نهاية.
فتحققن : أنّ المادّة بحسب وحدتها الشّخصيّة الذّاتية ليست تتهيّأ لقبول شيء من الانفصالات أصلا ، بل إنّما تقبل الانقسام بحسب وحدتها الشّخصيّة بالعرض ، من تلقاء وحدة الصّورة المتّصلة الّتي هي حاملتها. فهيولى الذّراع من الصّورة الجرميّة مثلا هويّة شخصيّة واحدة لا تأبى اتّصال الذّراع ممتدّا واحدا أو انفصاله ممتدّين أو أكثر لا إلى نهاية. فإذا انفصل الذّراع إلى نصفين لم يكن هيولى كلّ من النّصفين بما هي منحازة عن هيولى النّصف الآخر جزءا من هيولى الذّراع الشّخصيّة ، بل إنّما جزئيّتها لها بما هي هيولى النّصف بحسب التّكسير والمساحة ، سواء كان النّصفان متّصلا واحدا أو متّصلين أو متصلات متكثّرة على أيّ عدد كان ؛ نعم كلّ منهما
__________________
ـ الأولى ، فإنّها لا تكون متخلية ومصدوة عنه ، بل إنّه يكون لها في الفطرة الأولى حاصلا بالفعل بتّه.