تنبيه
(٢٩ ـ الحجميّة وشاغليّة الحيّز والوضع والتناهى والتشكل للهيولى من اقتران الصورة) إنّما الحجميّة وشاغليّة الحيّز والوضع والتّناهي والتّشكل للهيولى الأولى بالاستفادة ، أي : لا بحسب نفسها منفردة ، بل من قبل اقتران الصّورة الجرميّة ، فالامتدادات الإشاريّة تكتنفها ، وهي متلبّسة بالصورة حاملة.
إيماض
(٣٠ ـ برهان القوّة والفعل لها)
إنّ لسياقة البرهان مسلكا آخر من سبيل القوّة والفعل ، فإنّ للجسم المتّصل بالفعل قوّة قبول صورتين اتّصالتين بالانفصال ، ثمّ عود ذلك الاتّصال ، أي : تجدّد مثله بالالتحام. فقوّة هذا القبول غير وجود المقبول بالفعل وغير هيأته وصورته. وما له هذه القوّة غير ما له فعل الاتصال بالذّات. بل كلّ جسم فهو : من حيث جسميّته موجود بالفعل ، وله الصّورة الجرميّة ، وهي معنى محصّل بالفعل ، ومن حيث إنّه مستعدّ ، أيّ استعداد شئت ، فهو بالقوّة ، إذ يقوى على قبول أمور غير متناهيّة وكمالات غير محصورة ، والشّيء الواحد من الجهة الواحدة لا يكون مبدأ القوّة والفعل جميعا. فإذن ، الجسم مركّب ممّا عنه له القوّة وممّا عنه له الفعل ، فالّذي بالفعل صورته ، والّذي بالقوّة مادّته ، وهو الهيولى.
فإن أوهم : أنّ الهيولى في نفسها جوهر موجود بالفعل ، وهي أيضا مستعدّة ، فيلزم تركّبها أيضا من مادّة وصورة ، وهكذا إلى لا نهاية.
ازيح : بأنّ الفعل هناك فعل القوّة ، والجوهريّة جوهريّة استعداديّة ، وليس في الوجود حقيقة تكون الهيولى بها بالفعل ، وحقيقة [٣٥ ظ] أخرى تكون بها بالقوّة ، بل نسبتها إلى هذين المعنيين أشبه بنسبة البسيط إلى الجنس والفصل منها بنسبة المركّب إلى المادّة والصّورة. فإذن ، الهيولى أمر جنسه الجوهر وفصله أنّه مستعدّ لكلّ صورة ، فهي بما هي بالفعل ليس لها إلّا الاستعداد المطلق.