تكملة السّقاية [الثّالثة]
بذكر ما يلتصق بإثبات الهيولى أشدّ الالتصاق [٣٦ ظ]
إيماض
(١ ـ البرهان على عدم تمادي البعد)
ليكن لديك من المحقّق أنّه لا يتمادى بعد في ملأ أو خلأ إن جاز وجوده إلى لا نهاية. ومن البراهين عليه برهان الحيثيّات ، وهو أنّه إذا كانت حيثيّات أو أعداد مترتّبة بالطّبع أو نقاط مترتّبة في الوضع : فإن كان بين حيثيّة ما وحيثيّة أخرى منها أيّتها كانت ، أو نقطة ما ونقطة أخرى أيّتها كانت ، لا يتناهى ، فقد انحصر عديم النهاية بين طرفين حاصرى الترتيب ، وهو فطريّ البطلان ومن الفطريّات الأوائل ؛ وإن كان بين كلّ واحدة من تلك الحيثيّات وأيّة حيثيّة كانت أو من النقاط وأيّة نقطة كانت على الاستغراق الشمولىّ ليس يقع إلّا متناه ، فالكلّ أيضا متناه بتّة.
وليس هذا حكما على الكلّ الجمليّ بما حكم به على كلّ واحد من الآحاد ، فربما يكذب ، كما لو قيل : كلّ واحد واحد من أبعاض هذا المقدار دون الذّراع ، فهو أيضا دون الذّراع ، وربّما يكون هو ذراعا أو أكثر ، فيتناول الحكم كلّا من الأبعاض المترتّبة ويكذب على الجملة ، بل إنّه حكم إجماليّ على المترتّبات على الاستغراق بحيث يستوجب أن يتناول الجملة ، كما لو قيل : ما بين هذه النّقطة الطرف وأيّة نقطة توجد أو تفرض في هذا المقدار دون الذّراع ، فهذا المقدار دون الذّراع ، فإنّه إذا صدق ذلك الحكم على الاستغراق الشّمولىّ كان المقدار بجملته دون الذّراع بالضّرورة الفطريّة.
فإذن ، لو امتدّ بعد ما إلى لا نهاية ، لزم إمّا أن يكون بين المبدأ مثلا وبين حدّ ما من حدوده الموجودة أو المفروضة امتداد عديم النهاية ، وهو باطل ؛ أو يكون الامتداد بينه وبين أيّ حدّ فرض من الحدود الممكنة الانفراض ، في اللحاظ الإجماليّ على