الاتّصال. وبالجملة مسبوقيّة بعض المتقرّرات باستمرار البطلان ، ثمّ التّقرّر على استمرار خاصّ ، ثمّ انبتات التّقرّر ، وكذلك إمكان اختلاف الحركات أو تساويها أو تشابههما.
وما يوجب الإذعان بوعاء الدّهر هو وجود المتقرّرات الثّابتة على صرف الثّبات بحيث لا يعقل تغيّر وانتقال من حال إلى حال ، فلا يتصوّر امتداد ولا انبتات ، وإن كان ذلك مسبوقا بصريح البطلان الباتّ ، لا باستمراره أو لا استمراره.
وما يهدى إلى الإيمان بعرش السّرمد هو وجود الوجود الحقّ القيّوم المتعالي عن التّبدّل والانتقال ، بحسب جميع الشّئون والأحوال ، المحيط بالدّهر والزّمان بجملة ما فيهما في الآباد والآزال. فالسّرمد لا يحتمل الامتداد واللّاامتداد ، ولا طروء العدم ولا سبق اللّيس أصلا. والدّهر لا يصحّ فيه الامتداد واللّاامتداد ، ولا طروء البطلان بعد التقرّر ، ولا سبق استمرار اللّيس أو لا استمراره ، وإن صحّ فيه سبق أصل اللّيس الخارج عن جنس الوصفين.
والزّمان يقع فيه التّغيّرات والتّبدّلات وحصول الوجودات بعد العدمات المستمرّة ، ثمّ انبتات الاستمرارات ، وأفق الزّمان أمر زائد على معنى الوجود وعلى المتى ، أي : نفس النّسبة المعبّر عنها بالكون في الزّمان ، كما المكان على الأين ؛ فالمقدار المتقضّي المتجدّد بنفس ذاته لا يكون نفس الوجود ولا نفس النّسبة.
وأما وعاء الدّهر ، فليس هو شيئا وراء صرف الوجود ، ونسبة الموجود الثّابت إلى الموجودات بالقبليّة أو المعيّة وإن كان ذلك [٦ ظ] ربما يكون بعد العدم الصّرف. وكذلك عرش السّرمد هو نفس محوضة الموجوديّة والنّسبة الّتي هي للموجود المحض لا من بعد العدم إلى الموجودات الثّابتة بالقبليّة أو المعيّة.
فكما يقال : الخارج ظرف من ظروف الوجود ، ولا يعنى أنّ هناك شيئا غير الوجود العينيّ ، بل إنّما إنّ لعين الشّيء وجودا (حصولا) أصيلا ، لا في لحاظ الذّهن فقط ، بل خارج الأذهان أيضا ؛ فكذلك يقال : وعاء الدّهر وعرش السّرمد نوعان من ظروف الوجود وأوعيته ؛ ويعنى الحصول الأصيل للشّيء في الأعيان خارجا عن افق الزّمان وما يعتريه إما مع صدق سبق العدم الصّرف ، أو بحيث يتعالى من كلّ وجه عن احتمال العدم.
__________________
ـ بالقبل والبعد ، على ما نحن أوردناه في «الأفق المبين» : وفي «الصراط المستقيم» : (منه دام ظلّه العالى).