وأيضا ، الأجسام في حدّ أنفسها ، مع عزل النّظر عمّا يلحقها من خارج ، تختلف بقبول التّفكّك والالتحام بسهولة وعسر واللاقبول رأسا ، وفي طلب الأمكنة والأحياز والأوضاع ، وفي استحقاق المقادير والحجوم والأشكال والكيفيّات الأربع الفعليّتين والانفعاليّتين.
فهذه الأعراض لها ، لا محالة ، مباد في تجوهر الأجسام وراء الجسميّة المطلقة المشتركة بين الجميع ، والمادّة المستعدّة الّتي شاكلتها القوّة والقبول. وتلك المبادى هي الصّور المنوّعة الطّبيعيّة العاشقة لتلك الأعراض والآثار.
فالصّور النّوعيّة فائضة عن بارئها مختلفة ، وإنّما انتهاؤها واستنادها إلى عناية البارئ الوهّاب. فهو ، سبحانه ، باختياره الحقّ يهبها للموادّ المستحقّة حسبما تستوهب وتسأل بلسان الاستعداد. فالفعّال المختار لا يختار إلّا باستحقاق مخصّص ، ولا يفعل إلّا بحكمة من حجّة.
والطبائع وقواها ملائكة جسمانيّة. ومن ملائكة الله الرّوحانيّين المسبّحين أيضا ـ وهم الجواهر المفارقة العقليّة ـ من يقوم بكلاءة النّوع وتربيته بإذن الله. فالصّور النّوعيّة بما يترتّب عليها من الآثار كظلّ له ، بما له من الهيئات النّوريّة. وسنتلو عليك طبقات العقول ومراتب الأنوار المفارقة ، إن شاء الله تعالى وحده.
إيماض
(١٠ ـ معدّات الصّور السابقة واللاحقة)
فلا تحسبنّ وجود الحامل المشترك الواحد بالتشخص كافيا في تعيّن صورة طبيعيّة تفيض عليه من لدن واهب الصّور ، [٣٩ ظ] ، بل إنّ الصّور السّابقة والاستعدادات المتسابقة على سبيل الارتباط بالحركات الدّوريّة السّماويّة من معدّات الصّور اللاحقة.
إيماض
(١١ ـ المعدّات للصّور الجرمانيّة)
وكذلك ليس وجود الحامل الشّخصيّ المشترك يكفي لأن يتشخّص الصّورة الجرمانيّة. أما بان لك : أنّ الشّيء إذا كان هو المتهيّئ لقبول الفيض ، كالعقل ، كان