من فطن للفارق ، فأوهمهم إمّا الاستشكال أو حمل المعيّة تارة على علاقة المتلازمين بالطّبع ، وتارة على المصاحبة الاتفاقية.
وهم وإيقاظ
(٢١ ـ مساوقة المعين وحكمها)
فإن أزاغك عن الحقّ أنّ المعين بالذّات يقضى لحاظ العقل أنّهما بحسب نفس الأمر في مرتبة واحدة ، فكلّ ما يتقدّم على أحدهما أو يتأخّر عنه بالذّات يتقدّم لا محالة ، على تلك المرتبة أو يتأخّر عنها بعينها ، فلا جرم يتقدّم على ذلك الآخر أو يتأخر عنه بالذّات ، فذلك الفرق ليس في مساغ أصلا.
فتدبّر واستشعر : أنّ مساوقة المعين بالذّات في نفس الأمر إنّما تعتبر بحسب حال أحدهما عند الآخر لا بحسب حال ثالث عندهما أو حالهما عند ثالث ، فلعلّهما بقياس أحدهما إلى الآخر يستحقّان التساوق في مرتبة واحدة وبقياس ثالث إليهما بالتعلّق لا يتساوقان ، بل لا يأبيان الانفصال في ذلك التعلّق بالنّظر إلى طباع الثّالث ، كما وجود الماهيّة واقتضاؤها لوازمها بالنّظر إلى لوازم ، فالاقتضاء غير منسلخ عن الوجود بحسب المرتبة. أليست الماهية في مرتبة الاقتضاء مخلوطة بالوجود بتّة. ثمّ إنّ تلك اللّوازم متعلقة بالاقتضاء ومتأخّرة عنه بالذّات ، وليست هي كذلك بالنّسبة إلى الوجود ، بل تلك شاكلة لوازم الوجود.
والقريحة في لحاظ هذه الاعتبارات الّتي هي معايير حكميّة ، أخلق بأن تكون متيقّظة مجتهدة أن لا تقع في التخليط. وينبغى لها أن تتحرّز من الخلط بين المعيّة في المعلوليّة والمعيّة في التّأخّر بالمعلوليّة ، أو بين المعيّة في الطبع والمعيّة في التّأخّر بالطّبع ، أو بين المعيّة في الماهيّة والمعيّة في التّأخّر بالماهيّة.
إيماض
(٢٢ ـ فعليّة تحصّل الهيولى بالصورة)
أما قد كان لك من [٤٣ ظ] أمر الهيولى أنّها ليست إلّا القابل المحض ، وإنّما فعليّة التّحصّل لها بحسب الصّورة ، فلا جرم ذاتها ممتنعة الاستغناء في أن تقوم بالفعل عن الصّورة. لست أقول : ملتزمة لمقارنة الصّورة ، بل أقول : مستحيلة الوجود بالفعل إلّا