بالصّورة ، فإنّ بين المعنيين فرقانا.
فإذن ، ذات الهيولى مفتقرة في وجودها إلى نفس ذات الصّورة ، ثمّ كونها متشخّصة وقائمة بالفعل إلى مقارنتها المتأخّرة عن وجودهما بالذّات ، فالشّيء يجوز أن يحتاج في اتّصافه بصفة ما إلى ما يتأخّر عن ذاته ، كالعلّة المحتاجة في اتّصافها بالعليّة إلى وجود معلولها المتأخّر عنها وليس في ذلك إلّا استيجاب تأخّر صفة ما لها عمّا يتأخّر عن ذاتها.
إيماض
(٢٣ ـ علاقة الهيولى والصّورة عليّة ومعلوليّة)
وأيضا إذا استبان تلازم الهيولى والصّورة في الوجود ـ ومن البيّن أنّهما ليستا على علاقة التضايف ، أليس تعقل الصّورة جرمانيّة أو طبيعيّة ، ولا يذعن أنّ لها مادّة إلّا بتجشّم ؛ والمادّة جوهرا مستعدّا ، ولا يعلم وجوب اقترانها بالصورة المستعدة لها بالفعل إلّا بفحص. نعم تعرضها علاقة الإضافة بما هما الشّيئان المستعدّ والمستعدّ له ، ولكنّ النظر في جوهريهما ـ فليس هناك بد من علاقة العليّة والمعلوليّة.
فإمّا أن تكونا معا في المعلوليّة لثالث ، فيكون سبب ما خارج عنهما يقيم كلّ واحدة منهما ، إمّا بالأخرى ومعها على الوجه الدائر وهو مستحيل بتّة ، أو مع الأخرى لا على الوجه الدّائر ، بل على وجه آخر محصّل ، كما في المضافين.
فلم يخل : أكلّ واحدة منهما بحسب نفس ذاتها متعلقة بنفس ذات الأخرى في الوجود تعلّقا ما افتقاريّا ، فيرجع الوجه الدّائر ، أم ليس هناك تعلّق الافتقار [٤٣ ب] ، فينقلب التّلازم بالطّبع تصاحبا بالاتّفاق ؛ أم التّعلّق الافتقارىّ من الجنبتين في الوجود ، ولكن لا لكلّ من الذّاتين بنفس ذات الأخرى بل بمعروضها ، فهذا لا يعقل في ذاتين جوهريّتين ، بل إنّما في عرضين متباينى المعروض ، كالأبوّة والنّبوّة ، أم من الجنبتين ولكلّ من الذّاتين بنفس ذات الأخرى ، ولكن لا في أصل الوجود ، بل في ما وراء الوجود ، فتكونان على تغان مطلق بحسب أصل الوجود وعلى ارتباط ما بحسب وصف وراء الوجود. فبالضّرورة البرهانيّة لا يكون تلازم إلّا بحسب ذلك الوصف ، فينفسخ فرض التّلازم بينهما بحسب الوجود ، وهو خلف.
فبقى أن لا تكونا في درجة واحدة في المعلوليّة ، بل تكون إحداهما أقرب درجة