البتة إلى الثّالث العلّة.
وما في «التلويحات» ، من : «النّقض بلبنتين منحنيتين تقام كلّ منهما مع الأخرى وليس بينهما ارتباط الافتقار بوجه» ؛ فليس برصين ، إذ لا يعدّ ذلك من باب التلازم ، بل من باب تقاوم الأثقال المتدافعة في الميل إلى مركز الكلّ ، كما تتدافع أثقال جوانب الأرض ، فتستقرّ هي في الوسط ، وينطبق مركز ثقلها على مركز العالم لتكافؤ القوى.
ثمّ لو عدّ من التّلازم لم يكن في الوجود ، بل في حفظ «وضع» بعينه في «أين» بعينه. وكلّ واحدة منهما في ذلك الوصف مفتقرة ، لا محالة ، إلى ذات الأخرى. ولا يجرى مثل ذلك في الهيولى والصّورة بعد فرض التّلازم بينهما في الوجود.
وإمّا أنّ تكون بينهما عليّة ومعلوليّة ، فليس لك أن تدير من الجنبتين ، ولا أن تقول: ليست إحداهما بأن تقام بها الأخرى أولى من الأخرى بعكسه. فإذن قد بزغ أنّ إحداهما بخصوصها متعيّنة بالعليّة ، فلننظر أيّتهما كذلك ، وأيّة نحو لها من العليّة [٤٤ ظ].
إيماض
(٢٤ ـ المادّة لها القبول لا التأثير)
إنّ الهيولى طباعها قوّة القبول والاستعداد ، وطباع القوّة والقبول غير طباع الفعل والتّأثير ، والمستعدّ بما هو مستعدّ لا يكون سببا موجبا لوجود المستعدّ له. فعلاقة الاستعداد إنّما بحسبها الجواز والقوّة ، لا الوجوب والفعل. فهي ليست العلّة الموجبة للتلازم ، ولا شريكتها بتّة ، ولذلك لم يصحّ أن يكون جرم علّة لوجود ، إذ الصّورة الجرمانيّة لا تفعل إلّا بواسطة المادّة. ولو تسبّب جرم لوجود جرم ، لكان أوّلا يتسبّب لجزءيه اللّذين هما أقدم منه أيضا.
ثمّ المادّة غير مختلفة ، فلو كانت هي العلّة ، كانت الصّور غير متخالفة ، فإن كان اختلافها لأمور تختلف من أحوال المادّة كانت تلك هي الصّورة الأولى في المادّة ، وعاد القول جذعا. وإن كان تضامّ المادّة وسبب ما غيرها ليس فيها ، بل إنّما معها في الوجود قد اقتضى صورة ما بعينها فيها. فإذا اجتمع معها سبب آخر غيره ، حصلت فيها صورة أخرى غيرها ، فلا يكون للمادّة بالحقيقة إلّا القبول المطلق. فأمّا خصوصيّات الصّور ، فعن تلك الأسباب ، ولا صنع للمادّة في شيء منها إلّا أنّها لا بدّ منها في أن توجد