الصّورة فيها. فإذن يبقى للمادّة القبول فقط ، ولا صنع لها في شيء بالتأثير أصلا.
إيماض
(٢٥ ـ الصّورة جزء من العلّة)
فقد تعيّنت الصّورة للعليّة ، ولا تصلح أن تكون علّة مطلقة أو آلة أو واسطة كذلك. والآلة ما به يؤثّر الفاعل في منفعله القريب ، والواسطة معلول يقاس إلى الطّرفين فيوجد علّة قريبة لأحدهما ، فذاك المعلول المطلق ، والآخر علّة بعيدة.
أمّا الصّور الّتي تفارق الهيولى إلى بدل عاقب ، فالأمر فيها بازغ ، وإلّا انعدمت الهيولى ، مهما افتقدتها بتّة. وهو ممّا قد أحالته [٤٣ ب] الضّرورة البرهانيّة.
وأمّا الّتي تلزمها أبدا حيث لا يقع افتراق عن التحام ، والتحام عن افتراق ، ولا تتبدّل صورة تقتضى الآثار وتنوّع ، فإنّها في شخصيّتها مفتقرة إليها ، وإلّا لم تكن توجد قائمة فيها. فلو كانت علّة مطلقة لقوامها ، لسبقتها بالتّقرّر والوجود بنفسها وبعلل ماهيّتها وعلل وجودها جميعا ، وهي من علل وجودها متشخصة. فإذن ، قد سبقت الهيولى نفسها بالوجود لا بمرتبة واحدة.
وأيضا ما يفتاق إليه الشّيء في ذاته أو في وجوده ، يفتاق إليه في فاعليّته أو في آليّته للفاعل ، فيلزم افتياق الصّورة إلى الهيولى في أن تفعلها أو تكون آلة لفاعلها.
ثمّ الصّورة الجرميّة المتشخّصة لا يتمّ وجودها في حدّ نفسها الشّخصيّة إلّا بالتّناهي والتّشكّل أو معهما أو هما من العوارض المسبّبة بالمادّة. وقد دريت أن المتقدم على المتقدّم أو على المع متقدّم.
وبالجملة إنّ الهيولى مستغنية الوجود عن الصّورة الجرميّة والّتي تصحبها من المنوّعة بما هي صورة شخصيّة وإن لزمتها في عوالم الطّبيعة الخامسة ، لا في عالم الطّبائع الأربع. والمستغنى عنه في شخصيته ، ليس له أن تكون علّة مطلقة لما يستغنى عنه من الهويّات الشّخصيّة ، ولا أن تكون من الآلات أو المتوسّطات المطلقة.
فإذن بقي أنّ الصّورة بما هي صورة مرسلة وبما هي صورة ما جزء من العلّة التامّة للهيولى الشّخصيّة ، غير الفاعل قريبا أو بعيدا ، أو غير الآلة المطلقة.