حان حين أن يتلى عليك : إنّ الهيولى وإن لم تكن تناط بها إفادة القوام للصّورة حتّى يصدق فيها أنّها تقوّمت فأقامت ، كما كان يصدق في الصّورة ؛ إلّا أنّها مع ذلك سابقة الماهيّة والشّخصيّة على شخصيّة الصّورة القائمة فيها بتّة. فاعتبار الشّخصيّة يوجب تكرّر التعلّق من الجنبتين ، لا على الإدارة.
فاعلمن أنّ تشخّص الهيولى بنفس ذات الصّورة المرسلة لا بهويّتها الشّخصيّة ، فهي بماهيّتها فقط أقدم من الهيولى مطلقا ، أي : بما هي هيولى مرسلة وبما هي هيولى شخصيّة جميعا. وأمّا الصّورة فلا يعقل تشخّصها بالجوهر الهيولى بما هي هيولى ما ، إذ ليس يصحّ أن يعقل هذه الصّورة هذه بعينها ، وهي مفارقة لهذه الهيولى بما هي هذه بعينها وإن تعلّقت بها بما هي هيولى مطلقة ، بل إنّما تلك شاكلة الهيولى بالنّسبة إلى الصّورة. فلذلك إنّها بماهيّتها وشخصيّتها جميعا أقدم من الصّورة بشخصيّتها فقط.
ثمّ إنّ تشخّص الهيولى بالصّورة المطلقة من حيث إنّها من تتمّات فاعل الشّخصيّة ، وتشخّص الصّورة بالهيولى الشّخصيّة من حيث إنّها المحلّ القابل لهويّتها المتشخّصيّة ، فهذه مسألة من غامضات المسائل.
تشريق
(٣٥ ـ مقوّمات الهويّة)
فما قد أسمعناك من قبل : أنّ كلّ نوع يحتمل أشخاصا كثيرة فإنّما يتشخّص ويتكثّر بالشّخص بالمادّة ، قد بزغ الآن ما يرام به ، وهو أنّ تشخّص النّوع المتكثّر الأشخاص إنّما يكون بالمادّة من حيث إنّها تقبل الشّخصيّات ، لا من حيث إنّها تفعل التّشخّص ، أو إنّ لها صنعا ما في فعله.
فجاعل التّقرّر وفاعل الوجود يفعل الشّخص على أنّ من [٤٧ ب] تلقائه التّخصّص بالوجود ، المتعيّن بالوجود ، المتعيّن بامتناع الشّركة. والأعراض المكتنفة بالمادّة ، كالوضع والأين ومتى ، مثلا ، مسمّاة بالمشخّصات ، على أن هي لوازم وأمارات للمتشخصيّة ، وربّما تعدّ من مقوّمات الهويّة الشّخصيّة ومن لحاقات العلّة لتشخّص النّوع ومتمّماتها وإن لم يتحصّل منها بطباع امتناع الحمل على كثيرين.