حقيقته سبحانه وعين ذاته وصرف إنيّته ، لا من لوازمه ، المقتضاة لنفس حقيقته ، التّابعة لكمال ذاته ، كجعل ماهيّة.
فماهيّته وإيجاد إنيّته واللّازم القريب الأوّل له ، سبحانه ، ليس يجوز أنّ يكون إلّا واحدا بسيطا ، فإنّه لا يلزم عن الواحد بما هو واحد إلّا واحد ، إذ ليس في طباع الكثرة أنّ تصدر عنه معا فى درجة واحدة. ثمّ الآخر بالتّوسّط ، أي في درجة متأخّرة ، وهكذا إلى أقصى اللّزوم. وإنّما كثرة اللوازم لذاته الأحد الحقّ ، كإيجادات المعلولات المتقدّمة على وجوداتها بالذّات ، على هذا النّمط ، ثمّ الإضافات تتبع على هذا السّبيل. وكذلك السّلوب.
أوهام وتسديدات
(٣ ـ القابليّة والفاعليّة والبحث في معانيهما)
أسمعت أمثلهم طريقة يقول في كتاب «المطارحات» ، (ص ، ٤٠) إذ يراوغ متوغّلا في الحيود عن السّبيل :
«إنّ الجهة الفاعليّة غير الجهة القابليّة. أمّا أوّلا : لأنّ الفعل للفاعل قد يكون غيره ـ أي الفعل بما هو فعل ليس يأبى ذلك القبول للقابل بما هو قبول يستحيل أن يكون في غيره. وإذا امتنع على أحد شيئين ما يمكن على الآخر بالإمكان العامّ أو الخاصّ كانا لا محالة متباينين. وثانيا : إنّ الجهة القابليّة لا تقتضي التّحصيل بالفعل ، والفاعليّة هي المخرجة إلى التّحصيل ، فاختلف الجهتان. وثالثا : إنّه لو كانت الفاعليّة. عين القابليّة لقبل كلّ ما فعل بنفسه وفعل كلّ ما قبل بنفسه.
ومن الضّوابط الكليّة : أنّ الاثنين أبدا لا يصيران واحدا إلّا بما يفرض من اتّصال وامتزاج يستوجب أمرا ثالثا ، هو الواحد ، فإنّه إن بقى كلاهما أو بطل أحدهما فلا اتّحاد أصلا. وكذلك الواحد أبدا لا يصير اثنين إلّا بتفصيل أو بتفريق أجزاء ، فإنّه إن بقى هو ـ وهو واحد ـ فما صار اثنين ، فأبدا لا يصير المفهومان مفهوما واحدا ، ولا الاعتباران اعتبارا واحدا ، ولا المفهوم الواحد والاعتبار الواحد مفهومين واعتبارين. فإذا كانت جهة القبول غير جهة الفعل فى نفسها وفي اقتضائها ، فكيف يتصوّر أن تكون في شيء واحد بما هو واحد ، ولا سيّما إذا كان أحديّ الذّات من كلّ جهة ، جهتان